..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

إعادة أطفال سوريا إلى المدارس: واجب مؤسسي

ميساء جلبوط

٢٦ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2923

إعادة أطفال سوريا إلى المدارس: واجب مؤسسي
سورية00.jpg

شـــــارك المادة

في مدينة نيويورك يعقد إلى جانب الاجتماع الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع اجتماع ذو صدى خاص بالنسبة للعالم العربي وشركاته على وجه التحديد.
في 23 سبتمبر (أيلول)، حشد غوردن براون المبعوث الخاص لدى الأمم المتحدة للتعليم العالمي التأييد لدعم خطة جديدة تتناول أكثر عنصر يلاقي إهمالا في الأزمة الإنسانية التي خلفتها الحرب في سوريا: التعليم.

 

 

دائما ما كانت هناك حاجة إلى استثمار الشركات في مجال التعليم. ولكن تحول الأمر إلى واجب أخلاقي نظرا للضرورة الشديدة للمساعدة على تغيير حياة مئات الآلاف من الأطفال اللاجئين التي تحطمت.
يمكن أن يقدم ذلك فرصة أمام استثمار الشركات في المجتمع مما يجعلها متجاوبة ومدفوعة بالنتائج بما يتماشى مع التزامات المساعدة الوطنية.

يتصدر التعليم أولويات اللاجئين، كما صرحت إحدى الأمهات السوريات الأسبوع الماضي قائلة: «التعليم بالنسبة لأبنائي أهم من أي شيء آخر»، معبرة عن مشاعر ما يزيد على مائة أب وأم أجريت معهم لقاءات في سوريا وفي مخيمات اللاجئين أثناء ما كان يعد أسبوع العودة إلى المدارس.
وورد في تقارير الأمم المتحدة انتقال الأسر من مكان إلى آخر بحثا عن مدرسة ربما يكون بها أماكن خالية لأبنائها.
ولا يتوقف التعليم بالنسبة لهذه الأسر عند تعلم القراءة والكتابة، ولكن استعادة درجة من الطبيعية إلى حياتهم التي انقلبت.
يوفر التعليم لأبناء هذه الأسر الحماية، حيث من دونه سيظلون يتسكعون في مناطق محيطة تتسم بالخطورة.
من خلال المدرسة، يستطيع مستشارون العمل مع الأطفال للبدء في التعامل مع صدماتهم ووضع أسس لعلاجهم.

لا يمثل الذهاب إلى المدرسة الأمل الوحيد في المدى القريب، ولكنه أيضا استثمار مهم لمستقبل كل طفل لاجئ. إنه بداية لتناول ما أصبح يمثل قضية تنموية طويلة الأجل في سوريا والمنطقة، حيث دخل الصراع في عامه الثالث وتضاءلت فرص العودة إلى الدراسة بالنسبة لكثير من الأطفال.

أوضح تقرير صادر عن منظمة اليونيسكو في يوليو (تموز) الماضي تأثير الصراعات الدائرة في المنطقة على التعليم.
تسرب أربعة ملايين طفل من مرحلة التعليم الابتدائي في البلدان العربية المتأثرة بالصراع، وتبلغ نسبتهم 84 في المائة تقريبا من إجمالي الأطفال المتسربين من التعليم في العالم العربي.
وفي ظل الأعداد الهائلة المضافة من الأطفال السوريين المتسربين من التعليم، تتجه المنطقة سريعا نحو أكبر أزمة تعليمية.

في المقابل، تقل المساعدات المخصصة للتعليم كثيرا عن حجم الاحتياجات، فوفقا لـ«تعليم بلا حدود»، يقدر تقرير جديد أعده رئيس معهد تنمية ما وراء البحار كيفين واتكينز عدد الأطفال المتسربين من التعليم في لبنان وحده بنحو 270.000 طفل.
ومما زاد الوضع سوءا أن الحكومة اللبنانية تحصل على تمويل ضئيل للغاية من أجل اللاجئين.
كتب واتكينز في تقريره: «إذا كان أطفال سوريا اللاجئون يمثلون دولة، سيشكلون أقل معدل التحاق بالمدارس في العالم على مستوى التعليم الابتدائي والثانوي. كما يجد الأطفال الفلسطينيون فرصا ضئيلة.
ويوثق تقرير صادر عن وكالة أونروا أن نحو ثلث الأطفال اللاجئين من المخيمات الفلسطينية في سوريا التحقوا بمدارس في نهاية عام 2013 الأكاديمي».

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة اللبنانية لاستيعاب الأطفال اللاجئين، فإنها في ظل عدم وجود مزيد من الدعم المالي، تواجه خطر انهيار نظامها التعليمي المجهد بالفعل. في عام 2012، قبلت 980 مدرسة حكومية نحو 30.000 طفل سوري في المرحلة الابتدائية، ويشكل هذا العدد 20 في المائة من المدارس القائمة.
وفي ظل التقديرات الراهنة التي تشير إلى ارتفاع العدد إلى 409.000 طفل في سن الدراسة، سيُجبر نظام التعليم الحكومي على مضاعفة عدد الطلاب في غضون عام واحد. ويحذر واتكينز من أن هذا غير ممكن.

إن الجهود القائمة المبذولة من حكومات ومنظمات لا تستهدف الربح في دول مثل الإمارات وقطر ذات أهمية بالغة في توصيل المساعدات الإنسانية الرئيسة إلى اللاجئين السوريين.
وإدراكا لأهمية التعليم، يُنفق بعض من هذه المساعدات على التعليم ولكن ما زالت هناك حاجة إلى المزيد.

يقترح غوردن براون خطة تبلغ تكلفتها 500 مليون دولار وتستغرق ثلاث سنوات من أجل إلحاق جميع اللاجئين في سن التعليم من سوريا (سوريين وفلسطينيين) في لبنان بالمدارس.
وتهدف الخطة إلى بناء سعة النظام التعليمي الحكومي اللبناني المضغوط بالإضافة إلى تشجيع العديد من المنظمات غير الحكومية دولية ووطنية المستعدة لتقديم برامج عالية الجودة.

وتتضمن الاستراتيجيات الرئيسة، بقيادة اليونيسيف:

  • التوسع في نظام الفترتين في النظام التعليمي بأسره.
  • إعادة تأهيل المقرات التي تقل عن المستوى المطلوب.
  • تعيين معلمين جدد.
  • تغطية تكاليف التسجيل.
  • توفير الدعم التعليمي والنفسي الاجتماعي الضروري للأطفال.

وسوف تضمن هذه الخطة إلحاق 300.000 طفل موجودين بالفعل في لبنان وتعد لاستقبال 200.000 آخرين مع زيادة تدفق اللاجئين.
كما تتضمن الخطة نحو 100 مليون دولار لتغطية أعباء تكاليف الانتقالات والوجبات المدرسية.

النتيجة هي أن الهدف قابل للتحقيق. وبتكلفة من 400 إلى 600 دولار للطالب الواحد، يمكن ويجب أن يوفر المجتمع الدولي مستقبل جيل من الممكن أن يضيع.

توجد خمسة أسباب لكي تلبي الشركات في المنطقة النداء:
1- أطفال اليوم هم القوى العاملة في الغد. وتعلم الشركات أهمية التعليم، فهي تستثمر كثيرا في تدريب وتعليم موظفيها، وفي المدارس وبرامج تعليم أخرى في المجتمع تضمن وجود أساس لقوى عاملة متعلمة وماهرة ومجتمع واع.
وتعد هذه استثمارات ضرورية طويلة الأجل. وهنا يصبح ضمان ذهاب الأطفال السوريين إلى المدارس فعليا قاعدة مطلقة لهذا الأساس.
2- تزدهر الشركات في المجتمعات المستقرة الصحية. وتجد الشركات أهمية كبيرة في الاستثمار بكفاءة من أجل زيادة الاستقرار.
وبالنسبة لهؤلاء الأطفال السوريين، على الأقل، يحقق الذهاب إلى المدرسة اختلافا بين الأمل والاستقرار، واليأس الكامل.
وتتفهم الشركات والمؤسسات التبعات التي سوف تلحق بالاستقرار الإقليمي على المدى البعيد إذا عانى هؤلاء الأطفال من اليأس دون حتى الحصول على حقهم الأساسي في التعليم.
3- تسعى الشركات إلى الحصول على نتائج وقيمة مقابل المال. فتستثمر الشركات من أجل الحصول على نتائج ملموسة.
لا يوجد كثير من برامج الاستثمار المجتمعي التي تنظمها الشركات في المنطقة العربية والتي يمكن أن تحقق تأثيرا أفضل من استثمار مبلغ من 400 إلى 600 دولار في إلحاق طفل مشرد بسبب الحرب بالدراسة لمدة عام.
تستطيع كل شركة تدرس هذا الاستثمار أن تعقد مقارنة مباشرة بين عائد استثمار الدولار في هذا البرنامج في مقابل استثماره في مبادرات نمطية، وسوف تصل إلى نتيجة مذهلة للغاية.
4- تسعى الشركات إلى تنظيم مواردها وتعزيزها. وتدخل الشركات في هذا المشروع في إطار تعاوني يجمع بين موارد وخبرات منظمات من جميع أنحاء العالم.
وفي ذلك فرصة للمساهمة في والتعلم من شراكات فعالة ذات تأثير واسع النطاق، مما يمكن تطبيقه على تحديات إقليمية رئيسة أخرى. علاوة على ذلك، توجد فرصة لتنظيم ودعم التزامات الحكومات الإقليمية في مجال التعليم تجاه هؤلاء اللاجئين، وفي الوقت ذاته يبعث المشروع برسالة ذات أهمية لتلك الحكومات لتخصيص مزيد من الاستثمارات في هذا المجال.
5- تسعى أفضل الشركات للقيام بالصواب، فيما يتجاوز الواقع التجاري المعقول، ويستدعي الالتزام الأخلاقي التحرك في مواجهة هذه الأزمة الإنسانية.
يعلم رؤساء أفضل الشركات في المنطقة جيدا أن شركاتهم جزء لا يتجزأ من المجتمعات التي تعمل بها، كما أن معاناة المجتمع مسؤولية كل فرد.
يجد هؤلاء الرؤساء التنفيذيين القوة والطاقة والحكمة – لأنفسهم ولشركاتهم – للقيام بالفعل الصائب في وقت الشدائد.
أي الشركات ستلبي النداء؟ وأي الشركات ستساعد على مداواة جيل من الأطفال؟


الشرق الأوسط

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع