أفأمن آل الأسد مكر الله؟

الكاتب : أحمد موفق زيدان
التاريخ : ١٧ ٢٠١٣ م

المشاهدات : 6836


أفأمن آل الأسد مكر الله؟

في عينيه ألم يكد يخنقه، يغالبه خشية أن تندّ عنه دمعة تفضح ما اعتمل في الحشا! يجاسرها حاصراً أنفاسه...لا.. لن أسكب دموع الألم من غير عمل!
بالأمس كان يقول له ولده محمد (بابا.. أنا بحبك قد البيت كله) تهدّم بيته بصاروخ مجنون ...... ذهب ولده وزوجته...

 

 

لم يبق إلا حبُ ابنه الكبير.. حفر على أخمص بارودته الخشبي: ((وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ))
قد يتسرب اليأس إلى قلوبناـ نحن السوريين ـ بعد سنتين ونيف من الإجرام الأسدي الذي دمّر البلاد، واجتث منها أسباب الحياة..
يقف وراءه صلَف روسيٌّ ملحد، وحقد إيراني أعمى، عصابات لبنانية مارقة... قد يخيم القنوط لحظة من ليل بهيم على نفوسنا ونحن ننظر إلى قلة حيلتنا، وخذلان العالم لنا...
فنقول: أنى سيأتي النصر؟!
فهل يمكن لليأس أن يخامر القلوب المؤمنة؟
حين نقرأ القرآن ونطالع بياناته المعجزة، ونتدبر آياته العزيزة، يكاد اليأس يصبح عدوّاً لا يمكن أن يخترق صفوف المؤمنين..
يحدثنا الله تعالى عن مكره وقوّته، وأنه يمهل الظالمين ليبتلي بهم عباده....لكنه ليس غافلاً عنهم، فالله إذا أخذ الظالم لا يفلته...
حين يقرأ المؤمن ذلك يمتلأ قلبه باليقين ويقول: أين مكر الله من مكر الأسد وأعوانه؟!
وأين قوته تعالى وجبروته من وسائله وأدواته! أفيمكن أن يتسرب اليأس إلى قلب مؤمن!
إن سنة الله في إهلاك الظالمين لا يمكن أن تتخلف...ولو تأخرت إلى حين..
يقول سبحانه: ((وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)) 
وهل ظلم قومٌ، وأفسدوا في الأرض، كما ظلم آل الأسد وأعوانهم؟!
إنه أخذُ الله الذي أهلك فرعون مدّعي الربوبية، ونحّار الصبيان... إنه أخذ الله الجبار الذي أهلك عادا الذين نحتوا الجبال وأظهروا في الأرض الفساد ...
أفيتخلف أخذه عن هؤلاء المجرمين؟!
ولكن لحكمة وفتنة يؤخر الله تعالى نصره إلى حين... في سورة النحل يخاطب الله تعالى الذين يمكرون السيئات، ويظنون أنهم في مأمن من بطش الله، وعقابه، فيقتلون ويظلمون...
يخاطبهم خطاباً تتزلزل له الصم الراسيات، وتبرد له قلوب المستضعفين...يخاطبهم بقوله: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ إنهم يمكرون ويمكر الله، ومن أعظم من الله في مكره ووعيده!
يقول صاحب الظلال: إن سنة الله لا تتخلف; ومشيئة الله لا تتوقف . فما الذي يؤمنهم أن يأخذهم الله بذنوبهم كما أخذ من قبلهم؟ ...وكم ذا يخطئ الجبارون وينخدعون بما يملكون من قوة ومن حيلة , ويغفلون عن العين التي ترى ولا تغفل , والقوة التي تملك الأمر كله وتباغتهم من حيث لا يشعرون فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ *َفتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وغداً ستتهدم بيوتهم بإذن الله تعالى كما هدموا بيوت الشعب وشردوه...إن الظالم لا يؤتى إلا من مأمنه..فمن أين سيؤتى أولئك المجرمون ؟
إنهم لن يؤتون إلا من تمسكنا بحبل ربنا، وإصلاح ذات بيننا، وتجمعنا تحت راية ليس لها غاية دنيوية، ولا مصلحة خارجية...سيؤتى البيت عندئذ من واعده...من حيث أسسوا وأشادوا، ألم يقل ربنا في كتابه: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ خَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)

المصادر: