في مخيم اليرموك يغيب الخبز ويحضر الرصاص

الكاتب : علاء الدين عرنوس
التاريخ : ٦ ٢٠١٥ م

المشاهدات : 4408


في مخيم اليرموك يغيب الخبز ويحضر الرصاص

تزدحم ذاكرة اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك بالعاصمة السورية دمشق بمعيشة مأساوية لا تفارقهم، وتستعر حدتها يوماً بعد يوم، مفرداتها الحصار والدمار والجوع والموت، وهو ما بات معتاداً وواقعاً معاشاً في عالم مشغول بقضايا أخرى.
على بعد كيلومتر واحد من خطوط التماس في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بالعاصمة السورية دمشق، لا تترك مصادر النيران المتداخلة والمتقطعة فسحةً للتكهن بطبيعة ما يجري داخل المخيم المحاصر، بينما تنبئ براميل الموت المتساقطة من طائرات النظام التي هزت أرجاء دمشق خلال الساعات الماضية بأن الوضع عسير إلى حد دفع بقوات النظام إلى رمي عشرين برميلاً خلال ثلاث ساعات فقط.
المصور والناشط الإعلامي نيراز لم يغادر المخيم، ومن ثم توقعنا أن يكشف لنا عن حقيقة ما يجري بالجانب الآخر للمخيم الملاصق لحي الحجر الأسود معقل تنظيم الدولة الإسلامية الوحيد بالعاصمة دمشق، لكن اتصالنا به انقطع بعد أن سمعنا جملة واحدة هي "لا يعرف أحد ما الذي سيحدث غداً".
وتستقبل بلدة ببيلا عشرات العائلات القادمة من المخيم المجاور، لكنها ليست طريقاً لخلاص الهاربين من الموت، فالبلدة لا تعدو كونها امتداداً لبقعة كبيرة محاصرة تدعى جنوب دمشق.
أما سمر التي شرعت في نزوحها الثاني من مخيم اليرموك باتجاه ببيلا حاملةً عبء طفلين بلا أب وأم. فتقول إنها متحدرة من مخيم "خان الشيح" الذي يقع على بعد ١٥ كلم جنوب غرب دمشق، وتصف الوضع قائلة "هنا رعبٌ أقل فتكاً بأبناء أخي الشهيد".
السؤال الصعب :
وتسأل سمر التي انضمت إلى الأسر النازحة خلال خروجها من المخيم "كيف لهذا الرصاص أن يستمر دون أن ينضب، بينما نفيق كل صباح على شخص قضى جوعاً" وتقول للجزيرة نت إنها عاشت الأيام الثلاثة الماضية دون أن تتناول شيئاً من الطعام "طلبنا الخبز فأغرقونا بالرصاص، وأسباب الموت مؤمنة على نحوٍ مذل".
وتشير إلى رجل طاعن وحيد افترش الأرض على باب القبو استحياءً من النساء الجالسات بالظلمة "أصيبت يده بشظية قناص خلال عبوره شارع العروبة أول أمس".
وقال أبو قدس الله إنه ترك المخيم مرغماً بعدما غادر أبناؤه المنتمون إلى "قوات الصاعق" لمواجهة تنظيم الدولة في الخطوط الأمامية.
وتبدو علامات الجوع واضحة على وجهه المتعب بعد عدة أيام عصيبة وصفها بـ"النكبة الجديدة" مضيفاً بنبرة لا تخلو من الوجع والتهكم "عندما قالت جارتي إنها اشترت نصف كيلو سكر بأربعة آلاف ليرة ظننت أنني في بيروت، داخل المخيم تساوت الليرة السورية مع اللبنانية".
حديث طويل سمته الهلع من القادم مع ثلاث سيدات على باب قبو غير مجهز، تتخلله أخبار الجبهة المتضاربة عن كر وفر بين الفصائل الفلسطينية وتنظيم الدولة، وبين رنة هاتف تخبر بتقدم للدولة في نقطة، وقادم ينفي الرواية بهجوم مرتد للفصائل المقاومة، كان الإحساس المؤكد لأولئك الجياع أن صبرهم لم يعد يحتمل رصاصة أخرى. في حين يفيق أبو قدس الله من غفوته كلما اهتز البناء من ضغط برميل متساقط.

 

الجزيرة نت

المصادر: