لا نامتْ أعينُ الجبناءْ !!

الكاتب : سلوى الوفائي
التاريخ : ٧ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 6461


لا نامتْ أعينُ الجبناءْ !!

من وطّن نفسه على هدف عظيم تصغر في عينه العظام، فأيّ كلام يمكن أن يصف أمّاً تحمل على أكتافها نعش فلذة كبدها، صورة نخرّ لها صرعى إذا رأيناها، لا نحمل أن نراها، فكيف حملت هذه العظيمة نعش الراحل؟ إنّ العقل ليعجز عن تصور حجم عطاء الأمهات في معركة الشرف، حرائر سورية يقفن موقف الرجال أفلا يستحي من لا يزال نائماً على سرير التردّد يتقّلب في وحل الصمت المخزي؟


ليس أصعب على المرء أنْ يقبض على الجمر، من أجل هدف نبيل يراها كما يراه الحالم، ويؤمن به يقيناً كالرؤية الصادقة التي تأتي كانبلاج الفجر قبل أن تسقط من العين دمعة، تغسل حزن القلب الكسير، غالبت هذه الحرة هواها وعشقها لوليف روحها، فقدمته فداءاً لإيمان راسخ بالنصر القادم، فحولت الألم إلى لذة عبادة، والحزن إلى خشوع، متسلحة بالتجرّد من الأنانية والتعالي فوق دخان الخوف الذي لا يعمي بصائر المبصرين حقاً، وقد علمت وتيّقنت أنّ الأحلام العظيمة كالنجوم المتلألئة لا يصطادها سوى الصياد الصابر المحتسب، ولا يذهب مرارة التضحيات سوى حلاوة الوصول.
كبيرة أنت أيّتها الحرة، صبرك هزّ منام الراكضين في قبور الخنوع، وزلزل أركان إنسانيتهم، وعراهم أمام أنفسهم، جعلتهم يملأون المرآة بصاقاً، ويتقيئون جبنهم وتخاذلهم، فهل إلى جوارحهم سبيل إلى التوبة؟ سبيل إلى الاعتراف بالإثم، إلى الرجوع إلى الحقّ؟ ليت الذين ارتضوا السكوت يعلموا كيف تشعر هذه الحرّة التي جمعت الزاد لمعادها من رفات أبنائها، ففازت بالسعادة الربانية، لا حزن ولا وصب، استغنى الناس بالدنيا والمصالح والالتصاق بالأنا، واستغنت هي بالله، بجنات تجري من تحتها الأنهار، أنست الناس بالشهوات والمتاع القليل، وأنست هي بالله، تعرّفت على عزة ملكوت الله فرفعها إلى عزة ملكوته. أيّتها الحرة، كم تشبهين النحلة، إنْ أكلت أكلتْ طيباً، وإنْ أطعمتْ أطعمتْ طيباً، وإنْ سقطتْ على أرواحنا حزناً، لم تخدشها ولم تصبها بأذى. بوركت، ولا نامت أعين الجبناءْ !!! ...

المصادر: