مناصرة إخواننا في سوريا

الكاتب : محمد علي الشيخي
التاريخ : ١١ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 6427


مناصرة إخواننا في سوريا

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.


كلنا يعلم ما يجري الآن في سوريا من حرب إبادة لإخواننا على يدي عدو الله بشار الأسد وحلفاؤه من الفرس والروس، وكلنا قد علم تأييد روسيا والصين لهذا المجرم النصيري البعثي الخبيث، فها هو الأسطول الروسي يرسو قبالة الشاطئ السوري، وحكومة إيران الصفوية دعمته مؤخراً بخمسة عشر ألفاً جندي مدججين بمختلف بالأسلحة؛ كل ذلك لقتل إخواننا في سوريا. فها هي قواته المدعومة بالدبابات والطائرات تقتحم معظم المدن والقرى فتقتل وتعتقل، وترتكب أبشع الجرائم من تعذيب الأطفال والتمثيل بهم وقتلهم، وقتل النساء وهتك الأعراض، وحصار المدن وقطع الخدمات عنها، وقتل الجرحى والمواليد في المستشفيات، ولعل كثيراً منا رأى أو سمع من جرائم هذا النظام وعدوانه ما يندى له الجبين، مما حمل الكثير من السكان على الفرار من منازلهم تحت وطأت القصف العنيف بالمدفعية والطائرات وراجمات الصواريخ، حتى أن مدينة حمص قتل فيها يوم الجمعة الفائت أكثر من ثلاثمائة قتيل، وقبل يومين ضربت فقط في ثلاث ساعات بمئتي صاروخ. وأصبح الكثير من جثث القتلى في الطرقات، وأشلاء العديد من الأسر تحت ركام المباني المتهدمة، والوضع قد بلغ غاية الخطورة فالقصف العنيف مستمر منذ أسبوع بمختلف الأسلحة الثقيلة من المدفعية والطائرات الحربية.
لقد أضحى هناك في كل طريق دماءٌ تنـزف، وأشلاءٌ تمزق، ولكل أسرةٍ مفقودٌ أو معتقل، وفي كل دارٍ يتيمٌ وثكلى. ! وصراخ الأطفال وأنين الأمهات يتعالى ولا مغيث، ولا مجيب!!.

يا أهل الغيرة والنصرة..! *** يا أهل الصدق والإيمان..!
أعندكم نبأ من - حال إخوتكم- *** فقد سرى بحديث القوم ركبان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم *** قتلى وأسرى فما يهتز إنسـان
ماذا التقاطع في الإسلام بينكم *** وأنتم يا عبــاد الله إخـوان
وحمص تبكـي وهي نارفـةٌ *** وجرحها بالدم فياض ومـلآن
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة *** حتى المنابر ترثي وهي عيـدان
ألا نفوسٌ أبِيَـاتٍ لها هـممٌ  *** أمَا على الخير أنصـارٌ وأعوان
يا رُبَّ أمٍ وطفـلٍ حِيل بينهما *** كمـا تـفرق أرواح وأبدان
لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ *** إن كان في القلب إسلام وإيمان

لماذا يذبّح إخواننا وتنتهك حرماتهم ونحن نرى ونسمع صراخهم واستغاثتهم ولا نبالي بما حل بهم؟! ألسنا أمة واحدة، قبلتنا واحدة، وديننا واحد، ونحن "كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر". فهل نسينا أم تناسينا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من امرئ يخذل امرأ مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته)).
لعل بعضنا سمع أحد الإخوة الأطباء في حمص وهو يستصرخ إخوانه في كل بلاد الإسلام ويستغيث بالله ثم بهم، فكان من آخر كلامه أن قال: "لماذا تتخلون عنا، ألسنا إخوانكم؟ ألسنا مسلمون مثلكم؟ والله لئن تخليتم عنا لنشكونكم إلى الله يوم القيامة"!
فالواجب علينا في مثل هذه الأحوال الاهتمام بشأن إخواننا والمبادرة بكل ما يمكننا من نصرتهم. وأن نتعرف على ما يجب عليه القيام به فنباشر تنفيذه.
ولو قال قائل: كلنا ندرك ذلك ونعلم أن نصرتهم واجبة علينا، غير أننا لا ندري كيف ننصرهم، ولا نعلم ما الذي يجب علينا أن نقدمه لهم.
فأقول: إن أول ذلك: الدعاء لهم بالنصر والتأييد، وهذا واجب على الجميع، وكلنا مكلف به، ويجب أن لا نتوانى فيه، فهو أقوى الأسلحة لمواجهة الشدائد والمحن، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بات ليلة الأحزاب يدعو ويصلي حتى أصبح وإذا القوم قد رجعوا إلى بلادهم وتفرق صفهم. فندعوا الله في الصلاة وخارج الصلاة، أن ينصرهم ويكسر شوكة عدوهم. ونُذِّكر أهلنا صغاراً وكباراً رجالاً ونساءً بالدعاء لإخوانهم ونبين لهم أهميته ووجوبه.
وثانياً: تذكير الناس بمحنة إخوانهم في مجالسهم وطرقهم ووسائل اتصالاتهم، وفي الخطب في المساجد، والكتابة في الصحف ومواقع الانترنت، وبرامج القنوات؛ حتى يكون موضوع نصرة إخواننا في سوريا حديث الناس وشغلهم الشاغل حتى يكشف الله هذه الغمة.
ثالثاً: ندعوا الله أن يوفق خادم الحرمين - حفظه الله - أن ينصر إخوانه في سوريا، وأن يأمر بتنظيم حملة للتبرعات وحث المواطنين على مناصرتهم، فإذا تم ذلك بادرنا بجمع التبرعات وإغاثة إخواننا، ويجتهد كلٌ منا مع أسرته وأصحابه ومعارفه في حثهم على ذلك.
إن هذا الحدث الأليم يوجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم في سوريا والتعاون معهم ونصرتـهم ومساعدتهم والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقاً لأخوة الإسلام ورابطة الإيمان، قال الله- تبارك وتعالى -: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه)). وقال: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره)).
والنصرة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال، سواء كانت من عموم المسلمين، أومن جهة الدول العربية والإسلامية بمناصرتهم مادياً وعسكرياً، فكل ذلك من التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به في قوله - سبحانه -: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}.
اللهم يا من لا يخلف وعده ولا يهزم جنده انصر عبادك المؤمنين في سوريا يا ذا الجلال والإكرام. اللهم اجبر كسرهم، وقوّ شوكتهم وتقبل شهداءهم، وأنزل عليهم السكينة والفرج والنصر يا سميع الدعاء يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم وعليك بعدوك وعدهم فإنـهم لا يعجزونك وأنت الواحد القهار. اللهم خالف بين قلوبهم، وفرق جمعهم وشتت شملهم، واجعل الدائرة عليهم يا قوي يا عزيز. اللهم يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء كف بأس المجرمين ورد كيدهم في نحورهم. اللهم أنزل بعدوك بشار الأسد وجنده وأعوانه نقمتك وسخطك واجعلهم عبرة للمعتبرين.

المصدر: لجينيات 

المصادر: