الشام فوبيا.. لكنها لن تركع لغير الله

الكاتب : أحمد موفق زيدان
التاريخ : ٢ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 4012


الشام فوبيا.. لكنها لن تركع لغير الله

أفرز التواطؤ الكوني في الحرب المشنونة على الشام لخمس سنوات مرضاً نفسانياً عالمياً جديداً يحق له أن يطرق باب علم النفس والاجتماع البشري، وهو مرض الشام فوبيا بعد أن سمعنا عن الإسلام فوبيا في الغرب، وهو مرض تتشاطره كل القوى المجرمة المصطفة مع طاغية الشام، الذي لم يعد سوى بيدق من بيادق التآمر الكوني على الشعب السوري لخمس سنوات، وقد اتخذ هذا التآمر الكوني أشكالاً متعددة فأحياناً يبرز بالوساطات والمبادرات العربية والدولية، وأحياناً بأشكال أصدقاء سوريا ..

يبدو أن الأسد كان متواضعاً حين قال الأسد أو نحرق البلد فانضم له الروس والأميركيون والإيرانيون والغرب وكل حثالات الأرض لاحقاً.
الظاهر أن الشام فوبيا ليست صرعة نطرحها ولكن لها دلالات عند كل من يتحالف اليوم لإبقاء طاغية الشام على قيد حياة الحكم، فالإيرانيون لا يخفون حقدهم على بني أمية وعلى أن أهل الشام من أحفاد بني أمية؛ ولذا فبحسب خرافاتهم وتخرصاتهم أن هؤلاء الأحفاد سيظهرون يوما بقيادة السفياني وهو ما يحصل اليوم وسيستولون على الشام، وهي إشارة إلى أنها كانت محتلة من قبل عملائهم آل أسد، ثم ينداح السفياني وأتباعه إلى العراق ويتمدد فيها، أما روسيا فهي تعرف أن شمالي حلب مهد الكنيسة الأرثوذكسية وبالتالي فهي ترى فيها قبلة لعودتها إلى كنيستها لتطويق تركيا أيضاً، وهي إشارات ألمحت إليها بوضوح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في مذكراتها الأخيرة، ينضاف إلى ذلك الحقد الغربي والأميركي بشكل خاص من الشام التي كانت مختبراً ناجحاً قبل مائة عام لتطبيق اتفاقية سايكس بيكو وتم بمقتضاها حكم الشرق من قبل الأقليات، وانهيار هذا المختبر يعني أن الاتفاق انتهى وأن المنطقة مقبلة على أمر جديد سيكون له تداعياته الخطيرة على الشام كلها والمشرق العربي ثم العالم، لما تختزنه الشام من حضارات وخبرات وقدرة على التأثير الكبير في المنطقة، وحين سئل زعيم عربي أخيراً عن سرّ الوقوف الغربي إلى جانب الأسد أجاب فتشوا عن دور مجلس الكنائس العالمي...

لا أريد أن أغرق في التاريخ ودور حلب في كونها أول مدينة خرجت عن بيت طاعة العبيديين، وهي من قادت الثورات ضد الصليبيين وكسرت شوكة إمارة الرها الصليبية، وهي التي كانت قاعدة أهل السنة أيام الزنكيين فانطلقت لتوحد الشام ووو.. ما جرى ويجري في حلب يلخص لك حجم التآمر الكوني على الشام وثورتها العظيمة فهذه الثورة في جوهرها وحقيقتها هي ثورة على الظلم العالمي، إن كان من حيث التمرد على القوانين الجائرة للمنظمات الدولية، أو التمرد على أهم ركيزة من ركائز حلف التآمر هذا في المنطقة ممثلاً ببشار أسد الدمية؛ ولذا نرى الحرص الكوني غربيه وشرقيه على بقائه في السلطة، ولو أدى ذلك إلى قتل كل سوري... لكن العجيب والمثير للدهشة هو الصمت العربي إزاء ما يجري في حلب، فقد تراجعت كل التصريحات التي كانت تهدد وتتوعد إن لم يتنح الطاغية عن السلطة قبل المفاوضات، ولكن بعد جرّ هيئة التفاوض إلى منزلق التفاوض تراجعت كل هذه التهديدات وبدأت تكتفي بمطالبة العالم والمجتمع الدولي بالتحرك وكأن الأمر لا يعنيها، أما تركيا فقد اكتفت كعادتها بالتصريحات المنددة، والمظاهرات، ولا أدري ماذا أبقوا للشعوب المنكوبة إن هم سلبوهم هذا السلاح سلاح التظاهر والاعتراض والتنديد...، فحريق حلب لن ينطفئ فيها، وستمتد ألسنته ولهيبه، وما وجود عصابات غلاة الأكراد على حدود تركيا، وحديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتن عن حرب أهلية في جنوب تركيا، متزامناً مع هجوم غير مسبوق للرئيس الأميركي باراك أوباما على الرئيس التركي ووصفه بالفاشي إلا دليل واضح على أن رقاب الجميع على مقصلة بوتن- أوباما، وأن الصمت والتخاذل عن نصرة الشام وحلب ستكون عواقبه وخيمة، ولات ساعة مندم.

 

 

العرب القطرية

المصادر: