لماذا أصرّ العالم على حرمان الثورة من إقامة نظامها الإداري بمناطقها المحررة؟

الكاتب : أحمد موفق زيدان
التاريخ : ١٩ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 2497


لماذا أصرّ العالم على حرمان الثورة من إقامة نظامها الإداري بمناطقها المحررة؟

منذ الأيام الأولى للثورة حرصت العصابة الطائفية وسدنتها من روس وإيرانيين ومعهما العالم كله على حرمان الثورة السورية من إقامة نظامها البيروقراطي والإداري في مناطقها المحررة، فمثل هذا النظام سينسف بالبداية سردية النظام التي يروجها ويشيعها لأتباعه ومريديه ومؤيديه والعالم كله على أن الثوار ما هم إلا حفنة من القتلة والمأجورين المختلفين والمتقاتلين فيما بينهم وبالتالي لا أمل فيهم بأن يقيموا نظاماً إدارياً يدير الدولة ومؤسساتها، وإن حصل فالرواية كاذبة وغير صادقة وهو ما يسعون إلى تحاشيه، بالإضافة إلى أن إقامة مثل هذا النظام الإداري في مناطق الثورة سيظهر مدى الفارق الكبير بين الطرفين من حيث الأداء والشفافية ونحوهما، ويعزز وجود الثورة والثوار شعبيا داخلياً وخارجياً وبالتالي تضمحل وتذوب وتتلاشى أكاذيب النظام والعالم كله المتمثلة بإصرارهم على الحفاظ على مؤسسات الدولة، بينما مؤسسات الدولة الأخرى في مناطق الثورة موجودة، مما سينسف كل روايتهم وسرديتهم من حرصهم الكاذب على مؤسسات الدولة الطائفية..

على هذه الخلفية يمكن فهم بقاء تزويد مناطق الثورة بالكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات وحتى بالرواتب وأحياناً بالجوازات، وحين سعى الائتلاف ومن قبله المجلس الوطني السوري على حل قضية الجوازات بتوفير جوازات سفر لمن حرمهم النظام سعى العالم كله إلى نسف وتفخيخ المسألة وإرغام العصابة الطائفية على منح السوريين المعارضين الجوازات فهي من جهة تحرم الثورة من إقامة مؤسساتها البيروقراطية، تماما كما تحرم الثورة من كسب اعتراف عربي ودولي بها، بالإضافة إلى أن العصابة الطائفية تكسب بذلك مالاً واعترافاً دولياً إضافياً، ويتردد هنا أن أميركا بالذات شددت على العصابة الطائفية من عدم قطع الكهرباء على كل مناطق السوريين معارضين ومؤيدين..

ولعل هذا ما يفسر صمت العالم كله على كل أنواع الإجرام الطائفي والعابر للحدود والإجرام الروسي والإيراني باستهداف المشافي والمخابز والأسواق وذلك لضمان تدمير كل البنى التحتية في المناطق الخاضعة للثورة، وذلك إمعاناً في تدمير كل مؤسسات الدولة الخدماتية هناك، ليرغم بذلك الحاضنة الشعبية للثورة على الاعتماد على العصابة الطائفية، والحنين بالتالي إلى ما تصفها بمؤسسات الدولة، لتتعزز بالتالي سرديتهم وروايتهم مع كل مناسبة وبلا مناسبة عن أهمية مؤسسات الدولة، حيث يظنون أن ذلك سينطلي على الشعب السوري الثائر..

الشعب السوري ليس بحاجة إلى أن يقتنع بعد كل هذه التجربة مع الطائفيين من أن لا مؤسسات للدولة بالمعنى الحقيقي وإنما هي مؤسسات للعصابة الطائفية تستطيع أن توظفها لخدمتها في إخضاع الشعب وتركيعه متى شاءت، ولذا فقد سمحت لمناطق الأكراد أن تواصل مؤسساتها البيروقراطية وكذلك في مناطق الطائفيين أن تواصل مؤسساتها، ولكن أي منطقة تخرج عن سيطرة العصابة وتنشق عن إرادة العالم المجرم المتآمر على الشام فستتعرض إلى التدمير والخراب والقصف والإبادة، ولن يسمح لها بإقامة مؤسسات خدماتية تخدم الشعب..
لكن مع هذا كله ومع استمرار الإبادة للشام، فإن أضواء في هذا النفق المظلم تشع مع كل يوم إجرامي، فقد نجحت الثورة في تشكيل مؤسساتها الخاصة بها إن كان على المستوى الإعلامي لمواجهة دعايات الطائفيين بقوة وبمهنية، أو على صعيد المهندسين والمجالس المحلية الخدمية أو على صعيد السياسة والاقتصاد والعسكر وكل مناحي الدولة وبالتالي فإن ثورة الشام اليوم تخوض معارك على جبهات عدة جبهة الطائفيين المحليين وجبهة الطائفيين العابري للحدود، وجبهة الاحتلالين الروسي والإيراني وجبهة العالم المتآمر بصمت وعلن مع المجرم، وجبهة الثورة المضادة وتلك قصة ينبغي أن نرويها أيضا..
 

 

المسلم

المصادر: