الحكم الرشيد

الكاتب : مجاهد بن حامد الرفاعي
التاريخ : ١٣ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 8781


الحكم الرشيد

بداية نقدم توضيحاً بشأن مصطلح (الحكم الرشيد) مقتبساً من بحث (قصة الحكم الرشيد) لمعالي البروفيسور الدكتور حامد بن أحمد الرفاعي حيث يقول:
الغربُ بعامة وأوروبا بشقيّها الغربي والشرقي عانت ولا تزالُ من تطرفيّن مقيتين:


تطرفٌ ديني أراد ولا يزال يُريد أن يحبسَ الناسَ في أروقةِ الكنائس ويحجبَهم عن الحياة بتعاليم كهنوتية رهبانية.
وتطرفٌ علماني دنيوي أراد ولا يزالُ يصرّ على المفاصلةِ التامةِ بين الحياة والكنيسة والتعاليم الكهنوتية وأن لا علاقةَ بين الدين والحياة..
بل ذهبَ الشقٌ الماركسي من أوروبا إلى أكثرَ من ذلك فقرّر أن الدينَ أفيون الشعوب.
وقام صراعٌ مريرٌ بين أتباع التطرّفين وأُشعلت حروبٌ ذهب ضحيتها عشرات الملايين وسُحقت مدنٌ كبرى ودُمرت دولٌ بكاملها.. ولا تزال إزالة أثارها ومعالجة عواقبها الوخيمة جارية حتى اليوم رغم مرور أكثر من قرنٍ من الزمان..
وانتقلت للأسف هذه العدوى في الصراع والتطرف المتبادل بين أتباع كل دين في أكثر من مكان في العالم.. أحال المسيرة البشرية إلى ساحات توتر وصراع واضطراب ينذر بدمار شامل .. يلحق أضراراً شديدة في حاضر حياة المجتمعات ومستقبل أجيالها.
واليوم وفي إطار ثورة المعلومات وتطور تقنيات التواصل الثقافي, والحوار الفكري والسياسي, والتحارك والتدافع الحكيم بين أتباعِ الأديانِ والثقافات والحضارات والقوى السياسية العالمية .. انبثق منذ بداية الثمانينات تيارٌ إنسانيٌّ عاقلٌ يعمل جاهداً من أجلِ وضع حدٍ للتناقض المُفتعل والصراع غير المبرر بين الدين والدنيا.. وبين الروحي والمادي .. وبين المعبد والسوق في ميادين الحياة.. وبدأ ت الأوساط الثقافية والفكرية والسياسية تردد عبارة ( الحكم الرشيد Good Governance  ) بدلاً من عبارة ( العلمانية Secularism  ) أو ( الحكم المدني civil governance  ) أو( الدينية  Theocracy) أو ( الديمقراطية  Democracy ) أو ( الشريعة  Religious Law  ) ..
ليكون مصطلح (الحكم الرشيد Good Governance  ) مصطلحاً عالمياً .. يتضمن في نهجه ومقاصده كل إيجابيات والمقاصد الخيّرة النبيلة للمصطلحات المشار إليها آنفاً وغيرها.. ومصطلح (الحكم الرشيد) بكل تأكيد ليس ناسخاً وليس لاغياً بحال من الأحوال لأصول ومضامين المصطلحات الآنفة الذكر .. إنما هو مصطلح توافقي يترك الخصوصيات الثقافية لخيارات الشعوب وتمسكها بهويتها ومعتقداتها..
وجاء الاتفاق على مصطلح ( الحكم الرشيد Good Governance  ) بعد حوار ونقاش طويل كان يدور بين نُخَبٍ حكيمةٍ من أتباع الأديان والثقافات والتوجهات السياسية والفكرية في أكثر من مكان في العالم.. وذلك خلال المؤتمرات الكثيرة التي عُقدت ولا تزال تُعقد للحوار على امتداد العالم .. رغبة في البحث عن مشترك ثقافي إنساني.. يقود البشرية إلى تعايش آمن وعادل.. على أساس من الاحترام المتبادل للخصوصيات الدينية والثقافية والفكرية لدى الجميع .. وها هو اليوم مصطلح ( الحكم الرشيد Good Governance  )  آخذٌ بالانتشار في الأوساط الثقافية والفكرية والسياسية في العالم.. وأصبح معتمداً لدى الكثيرٍ من مراكز البحوث العالمية .. وقُدمت بحوثٌ حول فلسفة ومقاصد هذا المصطلح من جهات متعددة في العالم .. والمنتدى الإسلامي العالمي للحوار وهو من أبرز المؤسسات الفكرية العالمية .. الذي ساهم منذ البداية بفعالية في بلورة ونحت هذا المصطلح.. وقدمَ المنتدى رؤى بشأن تحديد معاني ومقاصد مصطلح ( الحكم الرشيد ).

  • الحكم الرشيد : حكم الكفاءات العاقلة الماهرة بتفويض من الشعب.. وفيما يلي أقول في مفاهيم مصطلح ( الحكم الرشيد ):
  • الحكم الرشيد : حكم التعاون والتكامل والتنافس بين المواطنين في تحقيق مصالحهم وتعزيز كرامتهم وإرادتهم وحريتهم.
  • الحكم الرشيد : حكم تفعيل وتشجيع وتطوير كفاءات ومهارات المواطنين في جميع ميادين الحياة.. من أجل بناء الوطن وتعزيز سيادته وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه.
  •  الحكم الرشيد : حكم التكامل والتلازم بين الحقوق والواجبات .. وبين المغانم والمغارم.
  • الحكم الرشيد : هو الذي يقيم مصالحة بين الدين والدنيا.. وتواصل وتكامل بين المعبد والسوق .. ويستفيد من شرائع الأديان والبشر .. من أجل بناء دولة حضارية عادلة آمنة.. تساهم في إقامة تعايش بشري أخوي عادل وآمن .. يتمتع بخيرات الأرض من غير احتكار ولا هيمنة.
  •  الحكم الرشيد : حكم يعتمد تعددية انتماءات الشعب الدينية والقومية والعرقية والمذهبية, ويعتمد تنوع أطيافه الفكرية والثقافية من أجل حفظ سيادة الوطن واستقراره وأمنه ووحدة أراضيه وتنمية موارده.
  • الحكم الرشيد : يؤمن بأن التعددية في الرأي وتنوع الوسائل .. هو إثراء لقدرات المجتمع وتنوع خياراته في تحقيق التنمية والارتقاء.
  • الحكم الرشيد : يقيم العلاقة بين واجبات الحاكم وواجبات الشعب وفقا لمنطلقات العقد الاجتماعي الوطني.. ووفقا لمبادئ العدالة والمساواة داخل كل دولة.
  • الحكم الرشيد : ينظم مسؤوليات الرجل والمرأة عل أساس التكامل المنصف بينهما.. فكل منهما  مسؤول في البيت والمجتمع.. كلٌ حسب إمكاناته وخصوصياته. 
  • الحكم الرشيد : يسعى لبناء إنسان مسؤول.. يتمتع بعقل سليم ووجدان مستقيم .. وكفاءة ومهارة .. وخبرة ودراية .. وإرادة قوية وطموح.
  • الحكم الرشيد : يسعى  لبناء مجتمع دولي أخلاقي عادل راشد.. تجلّ به قدسية حياة الإنسان وكرامته.. وتصان سلامة البيئة..  ويتحقق التعايش الآمن بين المجتمعات.
  • الحكم الرشيد: يضمن حق الشخص في التمتع بحياة حرة كريمة وحقه في التعلم وتوفير الطعام واللباس والصحة وكل المتطلبات الأساسية في الحياة.
  • الحكم الرشيد : يسعى لإحياء حركة استئناف حضاري إنساني من خلال تفعيل كل كفاءات ومهارات وإبداعات المواطنين.. وبالاستفادة من كل إبداعات ومهارات ووسائل الآخرين.
  • الحكم الرشيد يؤكد : أن الناس جميعاً أسرةٌ واحدةٌ، ربهم وخالقهم واحد، متساوون في الكرامة, والحقوق, والواجبات، وهم  أمام العدل  سواء لا تمايز  بينهم بحال.
  • الحكم الرشيد يؤكد : أن بناء الأوطان .. وعمارة الأرض.. وتنمية الموارد .. وإقامة العدل مسؤولية إنسانية مشتركة.
  • الحكم الرشيد يؤكد: أن الإنسان حر..  ولا يجوز بحال انتهاك قدسية حريته وكرامته وحقوقه وممتلكاته.
  • الحكم الرشيد يؤكد: أن المرأة تستحق التكريم والإجلال.. لأنها مصدر استمرارية البشرية, و منبت الحنان والرحمة, وصانعة مسؤوليات الأجيال في ميادين الحياة.
  • الحكم الرشيد يؤكد: أن من حق المرأة أن تتمتع بكامل استقلاليتها المالية،وعلى الدول والمجتمعات حماية هذا الحق واحترامه.
  • الحكم الرشيد يؤكد :  أن عمارة الأرض وإقامة العدل مسؤولية إنسانية مشتركة.
  • الحكم الرشيد يؤكد : أن من الحق الإنسان الاستقلالية التامة بشؤون حياته الخاصة،في أسرته ومسكنه وماله،ولا يجوز التجسس عليه أو انتهاك حرمة خصوصياته،أو الإساءة إلى سمعته أو التدخل التعسفي في شؤونه.
  • الحكم الرشيد:  دولة مؤمنة, تعاقدية, تعددية إنسانية, حضارية,  دستورية, أخلاقية, عادلة,راشدة. 
  • الحكم الرشيد: يقيم التكامل المتوازن بين الدين والدنيا .. والروح والمادة .. والمعبد والسوق.

المصادر: