ماذا تريد إيران من الأقطار التي تستعمرها؟

الكاتب : أحمد الجمال الحموي
التاريخ : ٧ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 7029


ماذا تريد إيران من الأقطار التي تستعمرها؟

قبل أن أبدأ بالإجابة على هذا السؤال لابد من القول إن كل من يظن أن ما يحدث في سورية هو شأن سوري فحسب هو إنسان جاهل بأبعاد الحدث أو جاهل بأبجديات السياسة ولا شك أن بقاء حكم زمرة الأسد كارثة على الأمة العربية والإسلامية يعرف هذا ويدركه تماماً من يعي خطورة هذه الزمرة وارتباطاتها.

 


وللإجابة على سؤالنا (ماذا تريد إيران من الأقطار التي تستعمرها) نقول:
إن إيران الصفوية يحكمها اليوم ويسيطر عليها مجموعة من المتعصبين الذين يحلمون بإعادة أمجاد إيران المجوسية الفارسية واسترجاع المستعمرات التي أخضعوها قبل الإسلام وبقيت هذه البلاد مستعمرة إلى أن جاء الفتح الإسلامي فحررها من الاحتلال العسكري ومن الخرافات والرذائل المجوسية.
بل إن إيران الصفوية لم تعد تقنع اليوم بحدود النفوذ القديم وإنما تسعى إلى التوسع والزيادة بحماقة واندفاع غير محسوب ولا مدروس .
في الماضي تمددت إيران المجوسية حتى وصلت إلى اليمن السعيد وكانت هي التي تختار له الوالي وتعزله عندما تريد وهاهي اليوم تعمل عن طريق الحوثيين على السيطرة مرة أخرى على هذه الأرض العربية العريقة مخفية هدفاً خبيثاً مفضوحاً في الوقت نفسه هو العمل على إنشاء قاعدة لها في تلك المنطقة تطل منها على البحر الأحمر, وتقترب من باب المندب ولتكون منطقة الحوثيين حربة في جنب المملكة العربية لإشغالها وتهديدها من الخارج, أما من الداخل فإنها تحرك أتباعها في المنطقة الشرقية وبهذا تضغط على المملكة من الخارج والداخل, هذا عدا عن أن للعراق الذي تسرح فيه إيران وتمرح حدوداً طويلة مع المملكة العربية, ولعل هذا أحد أسباب حرص إيران على السيطرة على العراق.
وكانت إيران المجوسية فيما مضى تحتل أجزاء من العراق مستخدمة العرب المناذرة حكاماً تابعين لها وبقي الأمر هكذا حتى جاءت جيوش الفتح الإسلامي فحررت العراق من هذا الاستعمار المجوسي.
ثم لم تقف جيوش الفتح المظفرة عند هذا الحد بل اندفعت بعد ذلك حتى حررت إيران نفسها من تأله الأكاسرة ونكاح المحارم وعبادة النار وغير هذا من الخرافات والرذائل.
وهاهي إيران بعد أن سرقت أيام الشاه عربستان التي كان يحكمها العربي خزعل الكعبي تتوغل في العراق متجاوزة إيوان كسرى حتى شملت هيمنتها معظم أنحاء العراق وهذا أحد أسباب مساعدتها علناً وبلا حياء لجيوش الولايات المتحدة وغيرها من الجيوش الغازية ( كما صرح كبار قادة إيران بلا مواربة) على احتلال العراق.
وقد يكون من أسباب هذه المساعدة ما يعتلج في صدور هؤلاء الصفويين من حقد على حاكم العراق آنذاك الذي هزم إيران بعد حرب ضروس استمرت أكثر من ثمانية أعوام. وكان سداً في طريق إقامة الإمبراطورية التي تبدأ من إيران ثم تمر في العراق وسوريا وتنتهي في لبنان.
وهكذا أصبح العراق بعد الاحتلال الأمريكي وما أعقبه من سيطرة إيرانية ولاية أو محافظة من محافظات إيران وإن لم يعلن هذا رسمياً.
وكانت كل من لبنان وسوريا بتآمر حافظ وابنه بشار من بعده قد سبقتا العراق وأصبحتا ولايتين أو محافظتين إيرانيتين. وكان لما يسمى حزب الله الذي يتخذ من المقاومة ذريعة لتكديس السلاح وتدريب الرجال للسيطرة على لبنان دور كبير في إخضاع لبنان للاستعمار الإيراني.
إن المطلعين يعلمون أن حزب الله يرفع شعار المقاومة تضليلاً وهو في الحقيقة أداة بيد دولة ولاية الفقيه تحركه متى شاءت. كما يعلم كل مطلع على الأوضاع السياسية غير منحاز ولا خاضع للأهواء أن سورية في عهد بشار زاد خضوعها لإيران وأنها أصبحت من مستعمرات إيران بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
فلا عجب إذاً أن تستميت إيران في سبيل بقاء الحكم النصيري في سوريا فتضخ الأموال والسلاح و تدفع الآلاف من الحرس الثوري وفيلق القدس يعاونهم شيعة العراق والحوثيون ورجال حزب الله في أشرس وأحقر تجمع طائفي بغيض لتبقى سورية خاضعة لإيران وداعماً لها يخدم أهدافها.
وهكذا فإننا أصبحنا أمام ولايات أو محافظات تابعة لإيران هي العراق وسوريا ولبنان وليكن معلوماً أن هذا الهلال الممتد من إيران إلى لبنان كان قد تم الاتفاق عليه بين الطائفي الكبير حافظ أسد والصفوي الحقود الخميني وبذلت من أجل ذلك جهود وأموال حتى توهم أصحاب المشروع أنه قد تحقق.
ومع أنه ليس لمطامع إيران الصفوية حدود فهي تريد السواحل الشرقية للمملكة العربية السعودية مدعية أنها تملك الخليج بجانبيه وتريد البحرين كلها وقد احتلت فعلاً الجزر الإماراتية (طنب الصغرى, طنب الكبرى, أبو موسى) منذ زمن الشاه ثم تقول هل من مزيد لكن أرى أن من واجبنا أن نسأل ماذا تريد إيران من مستعمراتها وهل ضاقت أراضيها بأهلها حتى تفعل ذلك.
لو عرف العرب والمسلمون ما الذي تريده إيران لأيقنوا أنه فظيع وخطير. وما من شك أن السيطرة ونشر المذهب الصفوي هدف كبير واضح لكل ذي لب غير أن ثمة أموراً قد تخفى على كثير من الناس. فما هي تلك الأمور؟
إن الخليج العربي بحر محصور وإن أساطيل الولايات المتحدة والأساطيل الأوروبية لا يصعب عليها إغلاقه. وليس من المستبعد أن يلجأ الغرب إلى هذا إذا رأى حاجة إليه وبذلك يحصر إيران ويضيق الخناق عليها وتصبح بلا سواحل وبلا منفذ بحري يمدها بحاجاتها من السلاح وغيره. ومعلوم أن المنافذ البحرية مسألة حيوية (استراتيجية) للدول عموماً فكيف بالدول الطامعة الجامحة.
ومن هنا تأتي أهمية سوريا ولبنان وذلك لما لهما من سواحل ممتدة ومفتوحة على البحر الأبيض المتوسط. ويمكن للسفن الروسية وغيرها أن تصل إلى هذه السواحل بسهولة فإذا أغلق الخليج العربي وضاق الخناق على إيران كان من الممكن إمدادها بما تحتاجه عن طريق سواحل سورية ولبنان ثم ينقل ذلك عبر الأراضي السورية إلى العراق ومنها إلى الإمبراطورية الاستعمارية التي لم تستفد من دروس التاريخ ولم تدرك أنها جسم دخيل على المنطقة شبيه بـ"إسرائيل" وأن الشعوب العربية ترفضها عن وعي وفهم كما أن زمن الاستعمار قد ولى ولن ينفعها حرصها على إرجاعه أو عملها الدؤؤب على إبقائه.
ومن هذه النقطة نقول إنه من المستبعد تقسيم سوريا لأن المعارضة كلها شعباً ومجلساً وطنياً ترفض التقسيم قولاً واحداً ولن تقبل به وسوف تقاومه إن وقع, أما المستعمر الإيراني فليس من مصلحته تقسيم سوريا لأن التقسيم سينتج عنه دولة للأكثرية في الداخل تشمل درعا ودمشق وحماة وحلب والمنطقة الشرقية وإذا حدث هذا فإنه يحرم إيران من أن تستفيد من السواحل السورية واللبنانية لأن الطريق البري إلى إيران سيغدو تحت سيطرة الأكثرية التي تأبى أن تكون تابعة لإيران أو غيرها.
أما حمص فهي منطقة الربط بين جبال الساحل السوري وجبال الساحل اللبناني لذا فإن الطائفيين يريدون تفريغها من أهلها الأصليين لتكون خالصة للزمرة الحاكمة وأتباعها من الطائفة إذا حصل التقسيم وأما إذا بقي أهل حمص الأصلاء فيها فإن الاتصال ينقطع بين جبال سورية وجبال لبنان ومعلوم مدى أهمية لبنان بالنسبة لسوريا.
إذ أنه في حال محاصرة السواحل السورية من الممكن أن تبقى السواحل اللبنانية طليقة يستطيع النظام الطائفي في سوريا أن يستغلها ثم تنقل الأسلحة والبضائع منها إلى سورية عن طريق البر ومن خلال محافظة حمص
الأمر الآخر الذي تريده إيران الاستعمارية من مستعمراتها الجديدة هو إحاطة تركيا بدول تابعة لها يخضع حكامها للهيمنة الصفوية.

فإيران نفسها تجاور تركيا من جهة والعراق من جهة أخرى وسورية المحتلة من جهة ثالثة هذا علاوة على أن النشاط الإيراني استطاع أن يخدع بعض البسطاء ويستحوذ على أتباع في بعض جمهوريات الإتحاد السوفييتي المنفرط وبهذا يزداد الطوق المحيط بتركيا التي هي عدوة تاريخية لإيران في العقلية المجوسية الصفوية.
فمن المعروف في التاريخ أن الحروب لم تنقطع بين الروم والفرس (وليس كل الفرس الآن صفويين بل إن كثيراً منهم مسلمون).

وأشير هنا إلى أن بعض الناس لا يعرف أن الفرس يعتبرون الأتراك الحاليين امتداداً للروم الذين تكررت الحروب بينهم وبين الفرس ويكننون لهم مشاعر العداوة. وقد كانت القسطنطينية (التي تسمى استانبول اليوم)عاصمة الروم وفيها مقر القيصر.
ولم تتوقف الحروب بعد الإسلام بين الأتراك المسلمين والإيرانيين بعد أن حولهم إسماعيل الصفوي مطلع القرن السادس عشر الميلادي ومن بعده عباس الصفوي إلى التشيّع الغالي بالقوة تارة وبالكذب والخداع والمال تارة أخرى.
وقد استباح عباس الصفوي وخلفاؤه بغداد أكثر من مرة بتنسيق كامل وطلب من أمراء الدوقيات الأوروبية الذين كانوا يزورون إيران دائماً, وكان الهجوم على بغداد لإشغال الجيوش العثمانية المندفعة في أوروبا وكان هذا يفرض على تلك الجيوش إيقاف الزحف والعودة من أوروبا للدفاع عن بغداد التي استباحها الصفويون.
ومن طبيعة الشخصية المجوسية التي ازدادت حلكة بالمذهب الصفوي الحقد الأسود الذي يورثه جيل لجيل لذا فإن حقدهم على الأتراك عميق دفين لا يقل عن حقدهم على العرب الذين أدالوا دولة كسرى وحطموا عرشها, ومن ثم فإن عداوتهم للعرب وللأتراك تؤزهم على الشر أزا وتدعوهم إلى العيش في أحلام الثأر من هذه الشعوب التي حررتهم فكان جزاؤها عداوة الصفويين لها.
وزيادة على ما مر فإن للصفويين خصلة قاتلة ألا وهي التعالي والاعتداد الأجوف يرافق هذا استباحة دماء المسلمين وأموالهم حسب عقيدتهم.
وخصلة التعالي هذه ستكون مع أسباب أخرى عوامل تدمير دولتهم فهم يؤججون نار العداوة ليس بينهم وبين العرب فحسب بل بينهم وبين المسلمين جميعاً ناسين أن عدد المسلمين في العالم بلغ المليارين وكل تقدير دون ذلك بعيد عن الحقيقة.
أما الصفويون فإن عددهم لا يزيد في العالم كله على مائتي مليون وعلى الرغم من هذا فإنهم يندفعون باعتدادهم المعهود لمواجهة المسلمين لكن مما يبشر بالخير أن أمر هذه الفئة افتضح, وانكشف الخداع على الملأ فلقد صرح عدد من قادة إيران وزعمائها أنه لولا إيران لما استطاعت الجيوش الصليبية احتلال أفغانستان ولا احتلال العراق. زيادة على ذلك فإن الثورة السورية المباركة فضحتهم كما فضحت ما يسمى حزب الله وكثيراً من الضالين الخائنين.
ثم هذه فضائياتهم تنبح ليل نهار بالتطاول على القرآن الكريم وعلى صحب رسول الله -عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم-, فماذا ينتظر الصفويون من المسلمين بعد هذا كله, غير الكره والعداوة.
إن من الأمور الإيجابية أن ظهور الرافضة على السطح بداية لقصم ظهورهم وذلك لأن معرفة الناس بعقائدهم بعد أن كانوا يجهلونها حري أن يفتح عيونهم على مقدار الضلال والخرافات فيها وهذا يؤدي إلى النفرة منها وممن يؤمن بها.
إن امتلاك إيران لسواحل سوريا ولبنان بمساعدة زمرة الأسد وما يسمى حزب الله شيء خطير وشر مستطير كما أن محاصرة تركيا شر آخر لا يقل خطورة عن الأول.
وإن نظرة ثاقبة إلى منطقتنا تبين بجلاء أن معظم مشاكلها نابعة من التدخل الإيراني الوقح. إنها تتدخل في الكويت وفي المنطقة الشرقية من السعودية وتتدخل في العراق بشكل فج سافر. وتتدخل في البحرين, بل لقد قال بعض قادتها إن البحرين جزء من إيران وتتدخل في اليمن وفي سورية ولبنان وهم يعملون دائبين لامتلاك السلاح النووي ويعدون العدة على مستويات كثيرة لمهديهم الموهوم الذي سيكون من أعماله الفظيعة حسب رواياتهم ذبح العرب ولا يبدأ إلا بقريش.
وأخيراً فإن الوالي المتربع على كرسي الحكم في سوريا برعاية الفقيه الإيراني ودعمه المطلق والذي يحقق أهداف إيران في السيطرة وإشعال الفتن وهو دون أدنى شك حريص على الكرسي حتى الرمق الأخير لكنه لا يملك في الوقت نفسه أن يتخلى عن الحكم للأكثرية صاحبة الحق حتى لو أراد ذلك, إذ إن تخليه يعني انهيار صرح الإمبراطورية الاستعمارية الجديدة التي بذلت من أجلها جهود وأموال ويعني أيضاً تخلص المنطقة من السيطرة الإيرانية وتطهرها من فسادها, وإنني على يقين أن إيران وعميلها بشار على استعداد لقتل أضعاف ما قتلوا من السوريين لإبقاء الهيمنة الإيرانية على المنطقة مشبعين بعقيدة التكفير والتقرب إلى الله بقتلنا بلا سبب
وإنني أضرب لإيران مثلاً برجل شرير أحمق منتفخ ومعتد بنفسه يستأسد إذا رأى خصمه خائفاً منه أو ظن أنه ليس على استعداد لمنازلته منازلة الرجال , لكن هذا الشرير ينكمش ويتصاغر ويغلبه الضعف البشري إذا رأى من خصمه رجولة وشجاعة واستعداداً للمنازلة مهما كانت نتائجها, فالحذر الحذر يا أمتنا من الخور والجبن ولنكن من فئة المؤمن القوي في مواجهة هؤلاء السفلة الأوغاد
أما آن الأوان لتصحو أمتنا؟
وأظن أنها بدأت وعلى القادة والشعوب العمل معاً من أجل التصدي الحازم لهؤلاء الصفويين الحاقدين وولاتهم الذين يأتمرون بأمرهم من حكام بعض أقطارنا العربية ..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم... والحمدلله رب العالمين.

 

المصدر: الاخوان المسلمون سورية

المصادر: