واشنطن متفقة مع موسكو وطهران على حل سوري بحوار لا يشترط مسبقا خروج الأسد

الكاتب : حسين. ع
التاريخ : ٢ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 3002


واشنطن متفقة مع موسكو وطهران على حل سوري بحوار لا يشترط مسبقا خروج الأسد

في أوائل يوليو في القاهرة، وفي أواخره في جنيف، والأسبوع المقبل في الدوحة، كذلك في مبادرة كوفي انان وخليفته الأخضر الإبراهيمي، تكرار لرؤية واحدة تشترك فيها واشنطن وموسكو وطهران تجاه الحل في سورية، وهي مباشرة الحوار بين المعارضة والنظام من دون أي شرط مسبق كخروج بشار الأسد من السلطة.

 

 

واشنطن، بقيادة سفيرها المبعد من سورية روبرت فورد، قالتها منذ اليوم الأول للثورة وتكررها اليوم: لا حل في سورية خارج الحوار. كل ماعدا ذلك، من مزاعم واشنطن حول خوفها من وصول السلاح إلى أيدي متطرفين أو انفلات الوضع في حال خروج الأسد، هو جزء من التبريرات التي تصطنعها الإدارة الأميركية لإقفال سبل الحل الأخرى، ومن أبرزها مساعدة الثوار من أجل تحقيق الحسم العسكري وإنهاء حكم الأسد.

المحاولات الأميركية لضعضعة المعارضة السورية لإجبارها على القبول بـ «مبادرة جنيف»، التي وافق عليها "المجتمع الدولي"، بما فيه واشنطن وموسكو، بلغت أوجها مع توجيه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الانتقادات لـ«مجلس السوري الوطني» المعارض، مطلع الأسبوع الماضي، متهمة إياه بعدم تمثيل شرائح المجتمع السوري المختلفة، ولا حتى المعارضة عموما.

هجوم كلينتون على «المجلس الوطني» توج مجهودا طويلا قامت به واشنطن لتقويض هذا المجلس، أولا عبر الطلب من داعميه في بعض الدول الخليجية رفع دعمهم المادي عنه، وثانيا في حث بعض أعضائه على الانسحاب منه وانتقاده بهدف الانتقاص من مصداقيته.

محمد العبدالله، المعارض السوري المقيم في واشنطن، والذي خرج من المجلس بعد فترة وجيزة لتحفظاته على أمور عديدة، يثني على موقف هذا المجلس الذي رفض الخضوع للضغوط الدولية والإقليمية «لخفض سقفه السياسي» من أجل الموافقة على حوار مع النظام.

ويتهم العبدالله السفير فورد بتأليب بعض الأعضاء، ويقول في مقابلة أن فورد قام بالإيعاز لبسمة القضماني بالانسحاب من المجلس الوطني والإساءة له، "بهدف الترويج لفكرة الحكومة الانتقالية أكثر فأكثر". ويضيف: «نفذت القضماني المهمة ونشرت شتائم متعددة ضد المجلس ودعمت وروجت لفكرة حكومة رياض سيف لدى الفرنسيين».

ويعتبر المعارض السوري أن «المجتمع الدولي اكتشف أن المجلس الوطني السوري يتبنى مطالب الثورة كاملة، وأن سقفه السياسي مطابق لسقف الثوار في الداخل»، هكذا، «رفض المجلس أنصاف الحلول، ورفض أي شي لا يحقق مطلب الثورة المباشر: تنحي الأسد».

وحسب العبدالله، فان مهمة إنهاء المجلس بدأت على يد فورد، الذي أطلق تصريحات مسيئة للمجلس حول تغييب الأقليات والافتقار لتمثيل شامل للثورة. ترافق ذلك مع محاولة محاصرة المجلس وعزله دوليا وإنهاكه عن طريق إيقاف الدعم المالي، مما جعل المجلس يبدو ضعيفا في عيون السوريين، «فلم يقدم سلاحا، ولا إغاثة، ولا حلا للأزمة».

ويكشف العبدالله أن السفير فورد تقدم لأول مرة بمشروعه الحواري في القاهرة في 3 يوليو الماضي، وكان يقضي بتذويب «المجلس الوطني» السوري عبر اقتراح إقامة «لجنة المتابعة والاتصال» التي تضم المجلس و«هيئة التنسيق تيار بناء الدولة، إضافة لبعض الكتل الصغيرة والمستقلين».

وكان هدف تلك اللجنة انتخاب حكومة تدخل في حوار مع النظام، إلا أن «المجلس الوطني السوري» تذرع في حينه بالقول إن بند الحوار كان السادس في خطة كوفي انان، وأن الأسد لم يلتزم بأي من البنود الخمسة التي تسبقه مثل وقف النار، وسحب الجيش من المدن، والسماح للإعلام غير السوري بالدخول بحرية.

 

بعد القاهرة بقليل، يقول العبدالله، طرح رياض سيف المشروع نفسه على المجلس في السويد، فصوتت الأمانة العامة ضده، فغضب سيف وانسحب من القاعة مهددا الأمانة العامة للمجلس بالقول: «من أنتم حتى تصوتوا ضد مشروع روبرت فورد؟».

واشنطن تحاول تكرار مؤتمر القاهرة في الدوحة، حيث قام سيف بوضع لائحة أسماء المشاركين «من دون التشاور مع المجلس»، حسب العبدالله، ثم «بدأ الضغط مجددا على المجلس ليصوت بالقبول على مشروع حكومة رياض سيف، وبدأ التواصل مع أعضاء المكتب التنفيذي، كل على حدة، لضمان موافقتهم على الفكرة، فأبدى برهان غليون رفضه ورفض كتلته للفكرة، أما أـحمد رمضان، فوافق بشرط أن يكون عضوا في الحكومة المزمعة التشكيل».

من جانبه، حافظ تنظيم «الإخوان المسلمين» على «موقف غامض بعدم إعلان القبول بمشروع الحكومة ولكنهم روجوا لقبوله داخل المجلس الوطني بذريعة عدم الاصطدام بالمجتمع الدولي».

وبخصوص تشكيل الحكومة، يقول العبدالله، «لم يشاور سيف المجلس بالأسماء وإنما وضع لائحة بنفسه فقط، وبالتشاور مع بسمة القضماني، فيها أسماء أصدقائه ومن سيصوتون له ليكون رئيساً للحكومة».

الاستياء السوري من فورد، ومن أداء الولايات المتحدة عموما في سورية، دفع السفير الأميركي إلى إصدار بيان قال فيه: «(نحن) نواصل التشاور مع طائفة واسعة من جماعات المعارضة السورية فيما (هي) تسعى لاتخاذ خطوات نحو تشكيل مجلس قيادة تمثيلي». وأضاف: «نحن على ثقة من أنهم سيتمكنون من إيجاد طرق للجمع بين أطياف ممثلي المعارضة بما يمثلونه من وجهات نظر مختلفة داخل وخارج سورية، ووضع الأساس لسلطة حكم انتقالية».

 

 

بيد أن اللافت هو أن «المجلس الوطني السوري»، ورغم معارضته حكومة برئاسة سيف تحاور نظام الأسد، حضر في الدوحة من «أجل المصلحة السورية»، على ما يردد بعض المشاركين من المجلس، إلا أن من لم يحضر هو «هيئة التنسيق الوطنية»، التي يتمتع بعض أعضائها المقيمين في دمشق بعلاقة جيدة بفورد.

أما سبب غياب هذه الهيئة، يقول أحد المعارضين السوريين الذي فضل عدم ذكر اسمه، «قد يكون وجودهم داخل سورية وأثر ذلك على استقلالية قرارهم، وإلا، كيف نفسر دخول وخروج معارضين إلى سورية بكل أمان وتحت أعين نظام الأسد، فيما معارضو الخارج، وكذلك الثوار في الداخل، مهددون بالقتل وبالإعدام كل لحظة».

من غير المعروف ما الذي سيسفر عنه مؤتمر الدوحة بعد، وإن كانت الترجيحات تشير إلى أن مصيره لن يكون أفضل من مصير مؤتمر القاهرة وغيره من المؤتمرات التي سعت إلى طمس مطالب المعارضين والثورة السورية عموما وإعادة تركيبها بصورة ترضي موسكو وطهران وواشنطن.

هذا المصير المجهول لمؤتمر الدوحة ربما دفع سيف نفسه إلى إصدار بيان، أول من أمس، قال فيه إن الحل السياسي في سورية «لا يبدأ إلا بتنحية بشار الأسد ورموز السلطة وضمان محاسبة المسؤولين منهم عن دماء السوريين». لكن هل يعني ذلك أن «حوار» سيف وحكومته مع النظام لن يبدأ قبل تنحية الأسد، أم إن الحوار يبدأ قبل الحل السياسي، الذي قد يفضي بدوره إلى تنحي الأسد، وقد يفضي إلى بقائه كذلك؟

 

 

المصدر : مجلة العصر

المصادر: