المقتلة الثالثة : التنازع

الكاتب : منير محمد الغضبان
التاريخ : ٨ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 3543


المقتلة الثالثة : التنازع

(( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ))
فلا بد من الاتفاق على قائد ابتداء يتفق الجميع على طاعته , أما إذا بقي التفرق والشحناء وحرص كل شخص على القيادة . فستكون الهزيمة بصريح قول الله تعالى (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ))

 


فلن يكفي الصبر والثبات والاستعداد للموت. بل لا بد من قائد تطيعه الفصائل كلها وتبقى الشورى مستمرة بين القيادات. وتخضع الأقلية للأكثرية. فقد أمر الله تعالى نبيه بالشورى. وليس بحاجة لرأي أحد، وهو مسدد بالوحي، ومع ذلك قال الله تعالى له:
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران. 

لكن بعد الشورى فالطاعة هي التي تحكم ((فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين))
إنها المقتلة الثالثة التي تذهب الريح وتقضي على النصر.
ففي بدر قال الله تعالى للمؤمنين{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (46) سورة الأنفال. 

أما في أحد وحين وقع التنازع وانتُزع النصر من المؤمنين فقال الله تعالى لهم:
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } (152) سورة آل عمران.
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: فأنكرنا ذلك فقال ابن عباس:
بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله تعالى. إن الله عز وجل يقول في يوم أحد ((ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه)) ويقول ابن عباس والحس القتل .
إلى قوله حتى إذا فشلتم إلى قوله ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين- عنى بهذا الرماة وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقامهم بموقع ثم قال : احموا ظهورنا فإذا رأيتمونا نُقتل فلا تنصرونا وإذا رأيتمونا غنمنا فلا تشركونا .
  وأنا آمركم بخمس أمرني الله بهن: وأنا آمركم بخمس أمرني الله بهن
1-   الجماعة
2-   والسمع
3-   والطاعة
4-   والهجرة
5-   والجهاد في سبيل الله )) صحيح الجامع الصغير / ح/ 1724

حكم من فارق الجماعة:

(فإنه من فارق الجماعة قيد شبر. فقد خلع ربعة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ) صحيح / ح / 1724
 حكم من دعا بدعوى الجاهلية:

((ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم , وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله) صحيح/ح/ 1724

أبو عبيدة أمين الأمة يتنازل عن الإمرة لعمرو بن العاص المسلم الجديد:

في غزوة ذات السلاسل يبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا عبيدة بن الجراح أمين الأمة مدداً لعمرو بن العاص (فبعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستمده فبعثه إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر وعمر -رضوان الله عليهما- وقال لأبي عبيدة حين وجهه لا تختلفا فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو بن العاص إنما جئت مدداً لي فقال لي أبو عبيدة يا عمرو إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لي (لا تختلفا) وأنت إن عصيتني أطعتك قال أي عمرو فأنا أمير عليك وإنما أنت مدد لي قال: فدونك. فصلى عمرو بن العاص بالناس)(1)
فأمين الأمة الرجل الثالث في الإسلام يتنازل عن قيادة الجيش لعمرو بن العاص ابن الستة شهور في الإسلام لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى أبا عبيدة: لا تختلفا. فقال أبو عبيدة لعمرو  ولئن عصيتني لأطيعنك.
عمرو بن العاص الذي كان قائد المشركين في الخندق وقال المسلمون عنه: صلى بالناس وهو جنب ولم يمر عليه بضعة أشهر في الإسلام لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تختلفا ((ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)).
((حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين)). 
وإلى المقتلة الرابعة في الحلقة القادمة إن شاء الله

 

-------------------------------
(1)تاريخ الطبري 2 / 142 السنة الثامنة للهجرة .

 

المصدر: رابطة العلماء السوريين

المصادر: