«جنيف» اعتراف بنهاية الأسد

الكاتب : عبد الرحمن الراشد
التاريخ : ٣ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 6556


«جنيف» اعتراف  بنهاية الأسد

ظاهريا، الروس لم يتراجعوا عن تأييدهم للنظام في سوريا، ونظام الأسد نفسه لم يتراجع عن الحل العسكري. السبب خوفهم من أن الإعلان بقبول أي حل سياسي فيه تصريح بإقصاء بشار الأسد سيسبب انهيارا سريعا للنظام. سيسقط في نهار واحد. فجاء مؤتمر جنيف حول سوريا اعترافا بنهاية الأسد دون الإعلان عن ذلك، بعد.

 

أفكار مؤتمر جنيف، ومحاولة إحياء خطة المندوب الأممي، كوفي أنان، بنقاطها الست، لم يعد لها قيمة اليوم، لأن الثوار لن يوقفوا تقدمهم، ولا يملك النظام غير الحل العسكري. في جنيف اعتراف بنهاية النظام السوري حيث اضطر الروس إلى القبول بفكرة البحث عن حل بديل. سيكون حلا مؤقتا، مثل حكومة مشتركة، حتى يستطيع الأسد إخراج أثاثه من قصره إلى مكان آخر. والفكرة في أصلها قديمة طرحتها في نهاية العام الماضي إيران وروسيا من أجل تقسيم المعارضة، بالدعوة لإشراك المعارضة في الحكم مع الأسد، ويبقى هو عليهم رئيسا. الآن يريدون حكومة مشتركة فيها شيء من قيادة الأسد أو رجاله، وكل هذا فقط لشراء الوقت حتى يتدبر أمره.

ويجب أن نتذكر منذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة أن الوضع على الأرض يتغير ضدهم، قوات النظام تفقد بشكل مستمر قبضتها على معظم أنحاء البلاد. كانت تحاصر الثوار في حمص في يناير (كانون الثاني)، واليوم الثوار يهاجمونها في العاصمة دمشق، وينتقل من صفوف الجيش النظامي آلاف من المجندين والمختصين ويلتحقون بجيش الثوار.

أما لماذا يرفض حلفاء الأسد، تحديدا إيران وروسيا، القبول علانية بحل من دون بشار الأسد؟ السبب أن أي إعلان من جانبهم بالموافقة على مشروع يقول صراحة بإخراجه، سيتسبب فورا في سقوط النظام. الإعلان عن إقصاء الأسد، بأي صيغة تقال، سيخلق ذعرا في صفوف دولته. لهذا سيقبلون بحل يقصي الأسد دون الإعلان عن تنحيته إلا بعد ترتيبات مع الثوار والدول المتحالفة معهم؛ أمر ربما بات متأخرا.

من جانب حلفاء الثورة أيضا، لا بد أن نقول إن عندهم رغبة بعدم الاندفاع نحو المجهول إذا وُجد حل من دون الأسد، يحافظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها ومنع أي حرب أهلية. وهذا يعني أنهم مستعدون لمساندة حل حقيقي، والأهم أن يكون حلا عمليا، لا يتضمن فقط إخراج بشار الأسد، بل كل رجاله وقياداته من النظام، وتسليم السلطة للمعارضة بشروط تحافظ على كيان الدولة، مع خطة حكم مرحلي بإشراف دولي تمنع الانتقام وإشاعة الفوضى.

المشكلة كانت موسكو، الآن المشكلة الأسد نفسه الذي سيفشل هذا الحل. أعتقد أنه يعرف، منذ مطلع العام الحالي، أنه خسر المعركة، لهذا يريد خلق حالة حرب أهلية لأنها تحقق له شيئا من السلطة في مكان ما من سوريا. هو يظن أن الحرب الأهلية ستفقده حكم سوريا، الذي فقده أصلا، لكنها ستمنحه الحكم في المناطق العلوية والمتحالفة معها، عندما يهرب من دمشق، وقد ينتهي بتأسيس دويلة هناك بحماية دولية. يراهن على أن الحرب الأهلية ستضطر العلويين لدعمه، أما الحل على الطريقة اليمنية، أي أن يسلم السلطة سلميا، كما يريد الروس الآن، فسينتهي به منفيا في كوخ ما على البحر الأسود تحت حراسة روسية.

 

المصدر: الشرق الأوسط

المصادر: