قصيدة: والله لاعيني تنام قريرة

الكاتب : وائل عبد الرحمن حبنّكه الميداني
التاريخ : ٢٣ ٢٠١٧ م

المشاهدات : 2700


قصيدة: والله لاعيني تنام قريرة

جرى ما جرى وقدّرَ الله على الشام ما قدّر ... ( وعندما أقول الشام أعني سوريا كلّها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ) ... ولا أبالغ إذا قلتُ إنه لا يوجد بيتٌ في الشام لم يتفرق أهله تفرّقاً قسرياً في بلاد الله الواسعه ... وكم يحزنك وأنت في زيارتك إلى أقاربك في بيوتهم أن تجد بعضهم فقط ، وعندما تسأل عن الباقين يأتيك جوابٌ تدمع له عينك وينفطر له قلبك ، فالجواب غالباً يكون: فلانُ في السويد وفلانٌ  في ألمانيا وفلانةٌ في هولندا ... هذا إذا لم يكن الجواب أن فلاناً قضى نحبه أو فلاناً فُقد ولا نعرف له سبيلا ...
وأشدُّ ما يحزننا ونحن في غربتنا أن تسمع من يلقي الضوء على ما يجري في الشام بعباراتٍ تتهمهم وتتهم حالهم قبل الأحداث ...!!!
حالي لا يختلف كثيراً عمّا ذكرت ... فأولادي تفرّقوا ، وبيتي في الشام أصبح خاوياً إلاّ من طيف أبنائي وأنفاسهم وعطرهم ...
دخلتُ إلى بيتي في الشام عندما عدت من غربتي شوقاً إلى الشام وأهلها ... دخلتُ وتجوّلتُ في أنحائه وبكيت ما بكيت ، وحمدتُ الله على كلّ شيء

قصيدتي هي بلسان كلّ من يعاني مما أعاني منه:
 

واللهِ لا عيني تنامُ قريرةً
ممّا رأيتُ ولا فؤادي يسكُنُ
أبداً ...  ولا أبوابُ سعدي خلفها
مَنْ بالدخول إلى السعادة يأْذَنُ !!!
الحزن يرحلُ في عروقي سابحاً
وظلالهُ بجوارحي تستوطنُ
واليأس يصبغني بلونٍ واحدٍ !!!
وبألف لونٍ وجههُ يتلوَّنُ
ستّون عاماً في يدي آثارها
أملٌ يموتُ وخيلُ سعْيٍ تُدفٓنُ !!!
*****
كلّ الذي بالأمس كنتُ أُعِدّهُ
لغدي ... غدا سيفاً بصدري يَطْعنُ !!!
وغدوتُ سُنْبُلةً تودّعُ قمحَها
ليكونَ حيثُ رحى الليالي تَطْحَنُ
وأكونَ في فكِّ انتظاري واجماً
أُخْفي من الألام ما لا يُعْلَنُ ...!

*****

وحدي أنا في منزلٍ كانت به
زُغُبُ القَطا بين الحنايا تقطُنُ
كانوا وكنتُ لهُم أماناً مثلما
تلقىٰ الأمانَ من الجفون الأعينُ
رغباتُهمْ كانت دعاءً إنْ سرى
في مسمعي قفزَ الفؤادُ يُأَمِّنُ
أفراحُهُمْ كانت حدائقَ فرحتي
لو قلَّ يوماً زهرُهم ... بيْ أغْصَنوا 

*****
كانوا ... وكانوا ، بل وكنّا أسرةً
يسري عليها قولُهُ : { لا تحزنوا }
ماذا جرى حتى تفرّق بعضُنا
عن بعضِنا ، وتناوشَتْنا الألْسُنُ
صِرْنا على الأفواه قصّةَ شامتٍ
أَلِفَ الأذى ... فمشى يَلُتُّ ويعجنُ
وينالُ منّا لا لشرٍّ بيننا
بل غِيْبةً بوَبالها يتزيّنُ !!!
يا بؤس مَنْ شيطانُهُ بلسانه
يشدو كما يحلو له ويدندنُ !!!

*****

في الشامِ أفئدةٌ تموت ، وبعضها
حيٌّ ولكن بالأسى يتكفّنُ
سِرْ في شوارعها وقلْ : إنَّ الحياة
بطبعها مهما صفَتْ لا تُؤمَنُ ...
ما عند ربِّ العرش أبقى والذي
يحيا يرى برهانَ قولِ { اخْشَوْشِنوا )

لله نشكوا ضعفَنا وهوانَنا
وإليه نرفعُ ما ( نُسرُّ ونعلنُ )
 

المصادر: