..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻲ

ﻣﺤﻤﺪ المختار ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ

١ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7025

ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻲ
المختار الشنقيطي00.jpg

شـــــارك المادة

" ﻭﻟﻮ ﺃﻗﻠﻊ ﺍﻷﺷﺮﺍﻑ ‏(ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ) ﻋﻦ ﺍﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺗﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺒﻀﻊ ﺳﻨﻴﻦ ﻻﺟﺘُﻨﺒﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺃﻭﺍﻧﻪ؟ ﻭﻻ ﻳﻔﻴﺪ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻛﺮﻫﺎً ﻏﻴﺮ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺭﻏﺎﺋﺐ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﺖ ﻷﺟﻠﻬﻢ، ﻓﻴﺠﺐ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛﺸﻒ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻭﻣﻨﺢ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﻃﻮﻋﺎً ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺤﻞ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﻨﺢ ﻓﻴﻪ ﻛﺮﻫﺎ." ‏(ﻏﻮﺳﺘﺎﻑ ﻟﻮﺑﻮﻥ، ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﺎﺩﻝ ﺯﻋﻴﺘﺮ، ﺹ 113).
ﻣﺎ ﺃﻋﻈﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ!

ﻭﻣﺎ ﺃﺣﻮﺝ ﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ! ﻟﻘﺪ ﺗﻮﺻﻞ ﻏﻮﺳﺘﺎﻑ ﻟﻮﺑﻮﻥ ‏(1931-1841) ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺭﺍﺋﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﻣﻞ ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻏﺎﺹ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺰﺍﻟﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺧﻼﻝ ﻗﺮﻥ ﻭﻧﺼﻒ ﻗﺮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ.
ﻭﺗﺄﻟﻢ ﺿﻤﻴﺮ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺎﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻓﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ "ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺎﺟﻌﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ" ﻭ"ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﺤﺰﻥ" ‏(ﺹ 28)، ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻀﺮﺝ ﺑﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺴﻜﺒﺖ ﻣﺪﺭﺍﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺩﻭﻥ ﺿﺮﻭﺭﺓ.
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻱ ﻟﻜﻞ ﺫﻟﻚ "ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﺤﺰﻥ" ﻫﻮ ﺟﻬﺎﻟﺔ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻮﻳﺲ ﺍﻟـ 16، ﻭﺗﺄﺧﻴﺮﻩ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻦ ﻭﻗﺘﻪ، ﻭﻋﺪﻡ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻋﻤﻖ ﺍﻟﻤﻮﺟﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻩ.
ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ 1794-1789 ﻣﻦ ﺃﺛﻤﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺃﻣﺘﻨﺎ ﺍﺳﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﻭﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻧﺤﺎﻭﻟﻪ ﻫﻨﺎ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﺘﺴﻊ ﻟﻪ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ.
ﺗﺮﺟﻊ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺇﺟﻤﺎﻻ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﺐ ﻋﺎﻡ ﻫﻮ ﺗﺨﻠﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﺂﻛﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻓﻲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻣﻴﻦ، ﻣﻊ ﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺑﺪﺍﺋﻞ ﺃﻓﻀﻞ ﻭﺃﻧﺒﻞ.
ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺒﻄﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﻮﻥ ﺑﻬﻢ ﻳﺘﺴﻤﻮﻥ ﺑﺎﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﺃﺩﺭﻛﻮﺍ ﻣﺨﺎﻃﺮ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺍﻟﺨﺎﻣﺪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺠﺮ، ﻭﺗﺒﻨﻮﺍ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﻭﻗﺎﺋﻴﺔ ﺗﻮﺟﻪ ﻃﺎﻗﺔ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﺪﻻ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻓﺠﻨﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺷﻌﻮﺑﻬﻢ ﺩﻓﻊ ﺛﻤﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ.
ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺗﺴﻢ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺑﻄﺎﻧﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺠﻬﺎﻟﺔ ﻗﺮﺅﻭﺍ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺳﻄﺤﻴﺔ، ﻓﺎﻋﺘﺒﺮﻭﻩ ﺳﺤﺎﺑﺔ ﺻﻴﻒ ﻋﺎﺑﺮﺓ، ﻭﺗﻠﻜﺆﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻹﺻﻼﺡ، ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﺗﻤﺎﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻥ ﻭﺻﺪﻩ ﺑﺜﻮﺭﺓ ﻣﻀﺎﺩﺓ ﻟﻤﻄﺎﻣﺢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ ﺣﻤﻤﺎ ﻣﺪﻣﺮﺓ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﺨﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﻟﻠﺤﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻣﻴﻦ ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ.
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺗﺨﻠﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟـ 18 ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻮﻳﺲ ﺍﻟـ 16، ﻭﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﺍﻹﻗﻄﺎﻋﻴﻴﻦ ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺍﻹﻛﻠﻴﺮﻭﺱ ‏(ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ) ﻟﻠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﺎﻩ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﻬﻤﻴﺶ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﻣﻤﺜﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﻟﻘﺐ "ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ."
ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺸﺒﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﺎﻡ 1789 - ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺊ ﻟﻠﻌﺎﻡ 2011 ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ - ﻟﻢ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﻻ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻋﻤﻖ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﺮ ﺑﻪ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺠﺮﻫﺎ ﻓﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﻣﻮﻧﺘﺴﻜﻴﻮ، ﻭﻓﻮﻟﺘﻴﺮ، ﻭﺭﻭﺳﻮ، ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﻋﻞ ﻓﻲ ﺃﺣﺸﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ.
ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺘﺬﻛﺮﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﻬﻮﻟﺔ ﺍﻟﻤﻌﺒﺮﺓ ﻋﻦ ﺭﺍﺩﻳﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻣﺜﻞ ﺍﻗﺘﺤﺎﻡ ﺳﺠﻦ ﺍﻟﺒﺎﺳﺘﻴﻞ، ﻭﻗﻄﻊ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻮﻳﺲ ﺍﻟـ 16، ﺛﻢ ﻗﻄﻊ ﺭﺃﺱ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﻤﻠﻜﺔ ﻣﺎﺭﻱ ﺃﻧﻄﻮﺍﻧﻴﺖ، ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻟﻢ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ، ﺑﻞ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪﺓ ﺯﻣﻨﻴﺎ، ﻭﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻕ ﻣﺘﺪﺭﺝ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻭﻣﺂﻻﺗﻬﺎ ﺑﺪﻭﻧﻪ.
ﻓﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﺒﺎﺳﺘﻴﻞ ﻳﻮﻡ 14 ﻳﻮﻟﻴﻮ / ﺗﻤﻮﺯ 1879 - ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ - ﻭﻣﻴﺘﺔ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺍﻟﻤﻠﻜﺔ ﻳﻮﻣﻲ 21 ﻳﻨﺎﻳﺮ /ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ 1793 ، ﻭ 16 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ / ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ 1793 ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﻟﻲ ﺩﺭﺏ ﻃﻮﻳﻞ ﻭﻣﺘﻌﺮﺝ، ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺛﻮﺭﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺇﺻﻼﺣﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﺏ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻫﻮﺟﺎﺀ.
ﻟﻢ ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺭﺍﺩﻳﻜﺎﻟﻴﺔ - ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﻪ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺧﺘﺰﻧﺘﻬﺎ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ - ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻌﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﻬﺠﻪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺛﻮﺭﺗﻬﻢ ﻣﺴﻌﻰ ﺇﺻﻼﺣﻴﺎ ﻣﺤﻀﺎ، ﻭﻫﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺟﻴﺮﺍﻧﻬﻢ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﺮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺗﻀﻤﻦ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺣﻘﻪ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻭﻋﺪﻝ، ﻭﺗﺤﻔﻆ ﻟﻸﺳﺮﺓ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﺔ ﺃﻣﺠﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﻛﺮﺍﻣﺘﻬﺎ.
ﻭﺣﺘﻰ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺠﺢ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻹﻣﺴﺎﻙ ﺑﺰﻣﺎﻡ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻭﻗﺮﺭ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺠﻠﺴﺎ ﺗﺄﺳﻴﺴﻴﺎ، ﻭﺑﺪﺃ ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺒﻼﺩ ﺻﻴﻎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ ﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﻻ ﻹﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ.
ﻭﻗﺪ ﻋﺒﺮ ﻏﻮﺳﺘﺎﻑ ﻟﻮﺑﻮﻥ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻓﻘﺎﻝ "ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻛﺜﺮﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻠﻜﻲ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻈﻞ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻗﺎﺑﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻟﻮ ﺭﺿﻲ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﻣﻠﻜﻲ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﻤﻞ ﻗﻠﻴﻞ ﻟﻴﺘﻔﺎﻫﻢ ﻫﻮ ﻭﺍﻟﻤﺠﻠﺲ" ‏( ﺹ 114 ‏) "ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﺮﺅ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺳﻨﺔ 1789 ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ﻗﺘﻞ ﻟﻮﻳﺲ ﺍﻟـ 16 ؟" ‏(ﺹ 120).
ﻭﻗﺪ ﺻﺒﺮ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻮﻳﺲ ﻭﺧﻴﺎﻧﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﺘﻜﺮﺭﺓ ﻭﻏﺪﺭﻩ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺗﺤﺎﻟﻔﻪ ﻣﻊ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﻓﺮﻧﺴﺎ " ﻓﻠﻢ ﻳﻤﻘﺖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻄﻴﺸﻪ ﻭﺍﺳﺘﻐﺎﺛﺘﻪ ﺑﺎﻷﺟﻨﺒﻲ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺞ، ﻭﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻋﻲ ﺍﻷﻭﻝ ‏(ﺑﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ) ﻓﻲ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻠﻢ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﺤﻞ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ" ‏(ﺹ 93)، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻠﻎ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺇﻻ ﻳﻮﻡ 21 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ / ﺃﻳﻠﻮﻝ 1792 ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻋﻮﺍﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ.
ﻓﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻮﻟﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺇﺻﻼﺣﻴﺔ ﺗﺨﺪﻡ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﺏ ﻭﺟﻮﺩﻳﺔ ﻻ ﺗﺒﻘﻲ ﻭﻻ ﺗﺬﺭ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻭﻡ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺭﻏﻢ ﺗﻈﺎﻫﺮﻩ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﺧﺎﺩﻉ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺘﻠﺒﻴﺔ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ، ﺛﻢ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻻﺳﺘﻈﻬﺎﺭ ﺑﺎﻟﻘﻮﻯ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻭﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﺒﺎﺩﺉ "ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺍﻹﺧﺎﺀ" ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺗﺨﺬﺗﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺷﻌﺎﺭﺍ ﻟﻬﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻨﺎﺯﻟﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺗﻬﻢ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﻓﻮﺍﺕ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﻛﻤﺎ ﻻﺣﻆ ﻏﻮﺳﺘﺎﻑ ﻟﻮﺑﻮﻥ.
ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺤﺴﺮ ﻏﻮﺳﺘﺎﻑ ﻟﻮﺑﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺤﺴﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺍﻟﻀﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻓﺮﺹ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﻥ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺩﻭﻥ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﻓﺮﺹ ﺿﻴﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻬﺎﻟﺔ ﻭﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻗﺼﺮ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺗﺴﻢ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻮﻳﺲ ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺛﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﺎﻩ.
ﺛﻢ ﺗﻮﺳﻌﺖ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻓﺎﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﻋﺒﺘﻬﺎ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻓﺘﺪﺧﻠﺖ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﻭﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺑﻨﻴﺔ ﻭﺃﺩﺍﺀ.

ﻓﻘﺪ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻭﺭ، ﺃﻫﻤﻬﺎ:
ﺃﻭﻻً: ﻣﺘﺤﺰﺑﻮﻥ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺌﻮﻥ ﻟﺒﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻭﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ، ﻭﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ، ﻭﻛﺘﺎﺋﺐ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ، ﻭﺣﺰﺏ ﺍﻟﺒﻌﺚ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺘﺮﺓ ﺑﺴﺘﺎﺭﻩ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ .
ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﻣﻨﻔﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻻﺕ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﺃﺭﻏﻤﺘﻬﻢ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻠﺠﺆﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ، ﻭﺍﺗﺨﺬﻭﻫﺎ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻧﻄﻼﻕ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻫﻢ، ﻭﺍﺳﺘﻈﻬﺮﻭﺍ ﺑﺤﻜﺎﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻓﻲ ﻣﺴﻌﺎﻫﻢ ﻟﻮﺃﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻭﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻌﺮﻭﻓﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻓﺎﻟﻬﺎﺭﺑﻮﻥ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﺠﺆﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﻮﺍﺻﻢ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺍﺕ ﻣﻌﺮﻭﻓﻮﻥ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻳﻦ.
ﺛﺎﻟﺜﺎً: ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺻﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﻣﻦ ﺳﻘﻮﻁ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﻮﻧﻲ ﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﺎﻧﺨﺮﻃﺖ ﻓﻲ ﻋﺪﺍﻭﺓ ﻣﺠﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺇﺻﻼﺡ ﺃﻧﻈﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺸﺒﻪ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺰﻋﻤﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺍﺿﺢ ﻟﻠﻌﻴﺎﻥ، ﻓﻘﺪ ﺃﻧﻔﻘﺖ ﻣﻠﻜﻴﺎﺕ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﺩﻭﻟﻬﺎ ﻟﻮﺃﺩ ﺛﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺩﻕ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮ ﺃﻧﻬﺎ ﺳﻔﻚ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻴﺮ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ.
ﺭﺍﺑﻌﺎً: ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ "ﺭﺟﺎﻝ "1789 ﻛﻤﺎ ﺩﻋﺎﻫﻢ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺳﻮﺛﺮﻻﻧﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﻓﺮﻧﺴﺎ ..1815-1789 ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ "، ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﻢ ﺛﻮﺍﺭﺍ ﺳﺎﺑﻘﻴﻦ ﺍﺭﺗﺪﻭﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺪﺍﻓﻊ ﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﺎ ﺗﻮﻗﻌﻮﻩ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻭﺃﻣﺠﺎﺩ ﺷﺨﺼﻴﺔ، ﻭﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ "ﺍﻟﺮﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ" ﻣﻌﺮﻭﻓﻮﻥ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﺴﻴﺴﻲ.
ﻭﻣﻊ ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻻ ﻏﺮﻭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺼﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻣﺮﺍ ﻭﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎ، ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻮﻝ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ - ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ - ﻣﻦ ﻣﺴﻌﻰ ﺇﺻﻼﺣﻲ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﻳﺰﺓ ﺍﻧﺘﻘﺎﻣﻴﺔ ﻫﻮﺟﺎﺀ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﻠﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻊ ﺍﺳﺘﺤﻜﺎﻡ ﻫﻤﺠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ، ﻭﺻﻌﻮﺩ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻳﺔ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ.
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺮﻳﺮﺓ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺃﻳﺪﻱ ﻗﺎﺩﺗﻬﺎ ﺍﻹﺻﻼﺣﻴﻴﻦ، ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻻ ﻓﺎﻳﻴﺖ، ﻭﺩﺍﻧﺘﻮﻥ، ﻭﻣﻮﻧﻴﻲ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﺩﺗﻬﺎ ﺍﻟﺮﺍﺩﻳﻜﺎﻟﻴﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻌﺼﺒﻴﻦ، ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺭﻭﺑﺴﺒﻴﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ "ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﺇﻻ ﺑﺈﺑﺎﺩﺓ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻬﺎ" ‏(ﺹ 123)، ﻭﻛﺎﺭﻳﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ " ﻳﻜﺮﻩ ﺿﺤﺎﻳﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺣﻔﺮ ﻗﺒﻮﺭﻫﻢ ﻟﻴﺪﻓﻨﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺣﻴﺎﺀ " ‏(ﺹ 139) ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬﻩ.
ﻭﻭﺻﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ " ﺍﻋﺘﺪﺍﺀ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺪﻭﻫﺎ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﺎﺽ ﻣﻤﻘﻮﺕ " ‏( ﺹ 140 ‏) ، ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﺸﺒﻪ ﺃﻓﺎﻋﻴﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﺬﺍﺟﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ، ﻓﺎﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ ﻣﻬﻤﺎ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭﺍﻷﻣﺰﺟﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ .
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺭﻭﺑﺴﺒﻴﻴﺮ ﻭﻛﺎﺭﻳﻪ ﻭﻣﻦ ﻟﻒ ﻟﻔﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻮﻟﺪﻭﺍ ﺭﺍﺩﻳﻜﺎﻟﻴﻴﻦ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ - ﺑﻤﺎ ﺍﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻮﺍﻃﺊ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻋﻮﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ - ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ .
ﻭﻗﺪ ﻻﺣﻆ ﻏﻮﺳﺘﺎﻑ ﻟﻮﺑﻮﻥ - ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺨﺒﻴﺮ ﺑﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ - ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻔﺘﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻓﻜﺘﺐ " ﺇﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ - ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻮﺻﻮﻓﻴﻦ ﺑﺎﻟﺤﻠﻢ - ﺍﻧﻘﻠﺒﻮﺍ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻬﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﺎﺱ ﻣﺘﻌﺼﺒﻴﻦ ﺳﻔﺎﻛﻴﻦ ﻟﻠﺪﻣﺎﺀ، ﺣﻘﺎ ﻗﺪ ﻳﺼﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺍﻣﺮﺃ ﺁﺧﺮ " ‏( ﺹ 55 ‏) ، ﻭﻫﺬﻩ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺛﻤﻴﻨﺔ ﺗﻔﺴﺮ ﻟﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﺗﺤﻮﻝ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻔﺎﺻﻠﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻳﺔ .
ﻟﻘﺪ ﻋﺎﻧﻰ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻧﻪ ﻟﻮﻻ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺃﺳﺮﺓ ﺁﻝ ﺑﻮﺭﺑﻮﻥ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﺎﻟﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺪ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺓ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺎﻝ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﺔ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺼﻴﺮ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻮﻳﺲ ﺍﻟـ 16 ﻫﻮ ﻗﻄﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﺎﻟﻤﻘﺼﻠﺔ، ﻭﻗﻄﻊ ﺭﺃﺱ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ ﻣﺎﺭﻱ ﺃﻧﻄﻮﺍﻧﻴﺖ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺃﺩﻣﻮﻧﺪ ﺑﻮﺭﻙ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺗﺄﻣﻼﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ " ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﺎﻡ 1790 - ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ - ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ " ﻣﺜﻞ ﻧﺠﻤﺔ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻣﺸﺮﻗﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ " ، ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺩﺧﻞ ﻣﺴﺎﺭﺍ ﺩﻣﻮﻳﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﻭﻣﻀﻨﻴﺎ.
ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﺮﺭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﺤﻨﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ، ﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﺨﻮﺿﻮﺍ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﻫﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﺗﻌﻠﻤﺖ ﺃﻣﻢ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﻴﻒ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺜﻤﻦ ﺃﺭﺧﺺ ﻭﻭﻗﺖ ﺃﺧﺼﺮ.
ﺃﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻠﻴﺲ ﺃﻣﺎﻣﻨﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻧﺮﺩﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻤﺎﻉ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻏﻮﺳﺘﺎﻑ ﻟﻮﺑﻮﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺪﺭﻧﺎ ﺑﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ "ﻳﺠﺐ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛﺸﻒ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻭﻣﻨﺢ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﻃﻮﻋﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺤﻞ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﻨﺢ ﻓﻴﻪ ﻛﺮﻫﺎ"، ﻓﻼ ﻳﺰﺍﻝ ﻓﻲ ﻭﺳﻊ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻭﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﺍ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﺗﺠﻨﺒﻪ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻓﻴﺘﻮﺑﻮﺍ ﺗﻮﺑﺔ ﻧﺼﻮﺣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﺍﻟﺨﺮﻗﺎﺀ ﻵﻣﺎﻝ ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺮﻳﺔ ﻭﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.
ﻭﺳﻴﻈﻞ ﺍﻷﻣﻞ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﻇﻬﻮﺭ ﺣﻜﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﻨﺘﻘﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻲ، ﻭﻳﻠﺘﻘﻮﻥ ﻣﻊ ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ، ﻓﻴﺤﻤﻮﺍ ﺩﻭﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺁﻻﻡ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ، ﻭﻳﺠﻨﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻌﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺠﻬﻼﺀ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻼ ﺃﻣﻞ ﻓﻴﻬﻢ، ﺇﺫ ﺳﻴﻈﻠﻮﻥ ﻳﺠﻬﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺭﻓﻊ ﺛﻤﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ، ﻭﻓﻲ ﺗﺄﺟﻴﻞ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﺗﺠﺮﻓﻬﻢ ﺭﻳﺎﺡ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﺗﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﺳﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓﻼ ﺃﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻛﺒﺖ ﺃﺷﻮﺍﻕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺠﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺧﺘﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2010 ، ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻻ ﻳﺮﺣﻢ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﻣﻨﻪ.

 

 

ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع