..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سورية.. الحجر والبشر

يوسف بوقرة

١٩ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2613

سورية.. الحجر والبشر
اثار 0070.jpg

شـــــارك المادة

عاد النّزاع السّوري إلى واجهة الأحداث العالميّة، هذه الأيام، لسببين رئيسيين:

  • أوّلهما معركة القلمون التي ألقى فيها النظام وحلفاؤه بكل ثقلهم، بعد أن بشّر زعماء مقاومة بني العمومة لا مقاومة العدو بمعركة فاصلة ونصر يرونه قريباً ونراه بعيداً.
  • وثانيهما يتمثل في التقارير الإخبارية عن اقتراب تنظيم الدولة من مدينة تدمر الواقعة وسط سورية، والتي أدرجتها اليونسكو ضمن التراث العالمي سنة 2006.

تحرك المجتمع الدولي الذي عجزنا إلى الآن عن تعريفه وفهم دوره، هذه المرة، لنُصرة الحجر، بعد أن تغاضى عن نُصرة البشر، طوال أكثر من أربعة أعوام، فقد تحدثت المديرة العامّة لليونسكو وعلماء الآثار، شرقا وغرباً، عن أهمية آثار مدينة تَدْمُر السّورية، وعن الأخطار المحدقة بها، وهو تحرّك يُذكّرنا بما حصل بالقارة الآسيوية، نهاية القرن الماضي، عندما هبّ الجميع للتنديد بتدمير تمثالين، يقعان في أعالي الجبال، بينما التزموا الصمت تجاه تدمير بلد نجح في كسر شوكة إمبراطوريّتين، وها هو يخوض حرب استنزاف طويلة المدى ضدّ الثالثة.

يُحذّر الجميع من هَمَجِيّة تنظيم الدولة حديث النشأة، وتتعالى أصوات من هنا وهناك، تدعو السوريين إلى وحدة الصف، لمواجهته، حفاظاً على آثار مدينة تدمر وخشية عليها من التدمير والزّوال.

إنّ العبث بالآثار ليس مسؤولية هذا التنظيم فحسب، بل هو امتداد لمخطط بدأ الغرب في تنفيذه في بلد العباسيين، أوائل هذا القرن، عندما كان "تنظيم الدولة الأميركي"، هو الآمر والناهي والمُطاع في الوقت نفسه.

آنذاك، كشف الأميركان عن "مواهبهم" في نهب المتاحف وبناء أحدث السجون وبَيَّنوا بالكاشف أنهم "مغُول العصر" الذين لم ينجح الراحل صدام حسين في جعلهم ينتحرون على أسوار بغداد، كما وعد في خطابه الشهير الذي ألقاه وهو مُنْتصِب القامة، تماماً كما استشهد.

ما يُميّز الأميركان أنهم يقولون ما يفعلون، وبالعهود يُوفون، فقد وعد الرئيس الأميركي، جورج بوش الابن، بتدمير العراق وإعادته إلى سالف الأزمان، وتَسنَّى له ذلك، بمساعدة بني الجلدة، ولا عزاء للشرفاء سوى التحسّر على ما فات.

ترقد سلالات كاملة من المومياء المصرية قديماً في المتحف البريطاني، بينما توجد بوابة بابل في متحف برلين. لم يكن تنظيم الدولة وراء ذلك؛ وراء نهب ملايين القطع الأثرية ونقلها من جنوب المعمورة إلى شمالها لتزيين المتاحف وجلب السياح.

الحجر وحده لا يصنع حضارة، بل البشر من يفعلون ذلك، وما الحجر إلا شاهد على عظمة البشر. قد يُنْهب الحجر ويُنْقل من مكان إلى آخر، لكن البشر الذين صنعوه قادرون على صنع أفضل منه.

 

 

العربي الجديد

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع