..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

من أخلاقنا في الجهاد (الإيثار وقضاء حواج المسلمين)

رابطة خطباء الشام

٢٦ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3458

 من أخلاقنا في الجهاد (الإيثار وقضاء حواج المسلمين)
0.jpg

شـــــارك المادة

مقدمة:

والإيثار على النفس مع الحاجة قمة عليا، وقد بلغ إليها الأنصار بما لم تشهد البشرية له نظيراً.. في صورة وضيئة صادقة تبرز أهم الملامح المميزة للأنصار، هذه المجموعة التي تفردت بصفات، وبلغت إلى آفاق، لولا أنها وقعت بالفعل لحسبها الناس أحلاماً طائرة ورؤى مجنحة، ومُثلاً عليا صاغها خيال محلق .. بهذا الحب الكريم، وبهذا البذل السخي، وبهذه المشاركة الرضية، وبهذا التسابق إلى الإيواء واحتمال الأعباء.. (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةًۭ مِّمَّآ أُوتُوا۟) مما يلقي ظلال النظافة الكاملة لصدورهم، والبراءة المطلقة لقلوبهم.
عناصر الخطبة:
1-    الإيثار والمواساة.
2-    خدمة المجاهدين وعامة المسلمين .
3-    عدم استئثار الجندي بسلاحه لنفسه.

1- الإيثار والمواساة في الجهاد:
في صورة وضيئة صادقة تبرز أهم الملامح المميزة للأنصار، هذه المجموعة التي تفردت بصفات، وبلغت إلى آفاق، لولا أنها وقعت بالفعل لحسبها الناس أحلاماً طائرة ورؤى مجنحة،ومُثلاً عليا صاغها خيال محلق .. ولم يعرف تاريخ البشرية كله حادثاً جماعياً كحادث استقبال الأنصار للمهاجرين، بهذا الحب الكريم، وبهذا البذل السخي، وبهذه المشاركة الرضية، وبهذا التسابق إلى الإيواء واحتمال الأعباء(وَلَا يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةًۭ مِّمَّآ أُوتُوا۟) مما يلقي ظلال النظافة الكاملة  لصدورهم، والبراءة المطلقة لقلوبهم
قال الله تعالى واصفاً ذلك المشهد: (والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولايجدون في صورهم حاجةً مما أوتوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(الحشر:9)
والإيثار على النفس مع الحاجة قمة عليا، وقد بلغ إليها الأنصار بما لم تشهد البشرية له نظيراً (من كتاب: في ظلال القرآن بتصرف)
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له)، قال: (فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل)(رواه مسلم)
- وعن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم)(متفق عليه).
أرملوا: أي فنيَ طعامهم.

2- خدمة المجاهدين وعامة المسلمين:
من نعم الله تعالى على العبد
-  أن يسخره لقضاء حوائج الناس, فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ)(أخرجه الطبراني ، وابن عساكر، قال الألباني: (حسن لغيره) صحيح الترغيب والترهيب)
- وأن يجعله مفتاحاً للخير والإحسان, فعَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (عِنْدَ اللَّهِ خَزَائِنُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، مَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، وَمِغْلاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ، وَمِغْلاقًا لِلْخَيْرِ). (أخرجه ابن ماجه، والطبرانى،قال الألباني:حسن:صحيح الجامع)
ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل والنموذج الأعلى في الحرص على الخير والبر والإحسان, وفي سعيه لقضاء حوائج الناس وبخاصة للضعفاء والأيتام ,والأرامل، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:(أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً ، فَقَالَ: يَا أُمَّ فُلاَنٍ ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ ، فَخَلاَ مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا).(أخرجه مسلم)
- وعن معمر عن عاصم بن أبي النجود أنّ: (عمر بن الخطاب كان إذا بعث عماله شرط عليهم ألا تركبوا برذونا ولا تأكلوا نقياً ولا تلبسوا رقيقاً ولا تغلقوا أبوابكم دون حوائج الناسظن فإن فعلتم شيئاً من ذلك فقد حلّت بكم العقوبة، قال: ثم شيّعهم، فإذا أراد أن يرجع قال: إني لم أسلّطكم على دماء المسلمين، ولا على أعراضهم، ولا على أموالهم، ولكني بعثتُكم لتقيموا بهم الصلاة، وتقسموا فيئهم، وتحكموا بينهم بالعدل، فإن أشكل عليكم شيء فارفعوه إلي، ألا فلا تضربوا العربَ فتُذِلُّوها، ولا تجمروها فتفتنوها، ولا تعتلوا عليها فتحرموها).(المصنف لعبد الرزاق الصنعاني)
- ولقد كان عمر -رضي الله عنه- (يتعاهد الأرامل يستقي لهنّ الماء بالليل، ورآه طلحةُ بالليل يدخل بيتَ امرأةٍ، فدخل إليها طلحةُ نهارًا، فإذا هي عجوزٌ عمياءُ مقعدةٌ، فسألها: ما يصنعُ هذا الرجلُ عندكِ؟ قالت: هذا مذ كذا وكذا يتعاهدُني يأتيني بما يصلحني ويُخرج عني الأذى، فقال طلحة: ثكلتك أمُّك يا طلحة، أعورات عمر تتبع؟.
وكان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهن كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن.
- قال الشاعر:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبَهُم * * *  فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ
وكُنْ على الدّهرِ مِعْوَانًا لذي أمـــــلٍ * * *  يرجــو نَـداكَ فـإنّ الحُـــرَّ مِعْــــوانُ
واشْدُدْ يديك بحبـــلِ اللهِ معتصمــــاً * * *   فأنّه الرّكـــنُ إنْ خانتك أركــــــانُ
من كــان للخير منّاعـــاً فليس لـــه * * *   على الحقيقة إخوانٌ وأخْـــــدانُ
من جاد بالمال مالَ النّاسُ قاطبـــةً * * *   إليــه والمالُ للإنســان فتّـــــــانُ

- قال ابن القيم - رحمه الله - في وصف شيخ الإسلام ابن تيمية: كان شيخ الإسلام يسعى سعياً شديدا لقضاء حوائج الناس .
كان ناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم بالليل .قال الحطيئة:
من يفعل الخيرَ لا يعدم جوازيه * * * لا يذهبُ العرفُ بين الله والناسِ
- عن أنس رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، أكثرُنا ظلاً الذي يستظل بكسائه، فأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئا، وأما الذين أفطروا فبعثوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالَجُوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) (رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري).فبعثوا الركاب: أي أثاروا الإبل لخدمتها وسقيها وعلفها.
- وعن جابر رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير، فيزجي الضعيف ويردف، ويدعو لهم) (رواه أبو داود) يزجي: أي يسوقه ليلحقه بالرفاق. ويردف: أي يجعله خلفه، أو خلف راكب آخر.
- عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: (غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ أُدَاوِي الْمَرْضَى، وَأَقُومُ عَلَى جِرَاحَاتِهِمْ، وَأَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ أَصْنَعُ لَهُمُ الطَّعَامَ) (رواه أحمد/ و إسناده صحيح على شرط الشيخين.)
- وقد بوب البخاري باباً في: فضل الخدمة في الغزو، فقال: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (صحبت جرير بن عبد الله فكان يخدمني وهو أكبر من أنس – أي أكبر مني - قال جرير إني رأيت الأنصار يصنعون شيئا لا أجد أحداً منهم إلا أكرمته) (البخاري) يصنعون شيئا: أي من خدمة النبي وتعظيمه.
-    عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: (كُنْتُ أَمِيحُ أَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ) (أبو داود/ وصححه الألباني) قال الخطابي: "المايْح" هو الذي ينزل إلى أسفل البئر، فيملأ الدلو.

3- عدم استئثار الجندي بسلاحه لنفسه:
وقدوتك في ذلك أيها المجاهد هو حبيبك وقائدك محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان يضع سهامه كلها بين يدي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ويقول له: (ارم سعد فداك أبي وأمي).
يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (نَثَلَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد فقال: ارم سعد فداك أبي وأمي) (فتح الباري)
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر من يمرُّ به من الصحابة أن ينثر ذخيرته لأبي طلحة لأن أبا طلحة كان رامياً ماهراً كسر يوم أحد قوسين أو ثلاثة.
فعن أنيس رضي الله عنه قال: (لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبو طلحة بين يدي النبي مجوِّبٌ عليه بحَجَفَةٍ له، وكان أبو طلحة رجلاً رامياً شديد النَّزْعِ كسر يومئذِ قوسين أو ثلاثة، وكان الرجل يمرُّ معه بِجَعْبَةٍ من النَّبلِ فيقول: (انثرها لأبي طلحة)(رواه البخاري ومسلم)
مجوِّبٌ: مُتَرِّسٌ، حَجَفَة: الترس، شديد النزع: شديد الرمي حَسَنَه، بجّعْبّة: الآلة التي يضع فيها السهام.
ومن المعلوم أن المقاتلين ليسوا على درجة واحدة في القتال، فمنهم الماهر في القنص والمتقن في إصابة الهدف، ومنهم المتخصص بضرب الآربيجيه أو إطلاق الصواريخ أو المدفعية ، إلى غير تلك الاختصاصات، ومنهم المتوسط في ذلك، ومنهم الضعيف.
وعلى هذا فينبغي للمقاتل أن لا يستأثر بسلاحه وذخيرته لنفسه، فإذا علم أن هناك من هو أمهر منه في نوع من أنواع السلاح وهذا النوع معه هو، فعليه أن يعطيه لذلك الماهر ولا يستأثر به لنفسه، وخاصة إذا اشتدت المحنة في القتال وكاد العدو أن يَغلب.
كما أنه لو نفدت ذخيرة بعض المقاتلين فعلى إخوانهم ممن يملكون السلاح والذخيرة أن يعطوهم منه ولا يمنعوهم.
مثل ذلك فيما لو كانت قرية عندها ما يكفيها من السلاح وقرية أخرى ليس عندها ما يكفيها لِدَفْعِ غائلة العدو فلا يجوز لتلك القرية أن تستأثر بما معها من سلاح وتحبسه عن المقاتلين في القرية الأخرى، خاصة إذا عُلم أن هذا السلاح هو من مال المسلمين جميعاً فلا يجوز الاستئثار به للنفس.
واسمع أخي المجاهد إلى هذا الحديث العظيم الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن فتى من أسلم – قبيلة أسلم – قال: يا رسول الله إني أريد الغزو وليس عندي ما أتجهز، قال: (ائت فلاناً فإنه كان قد تجهز فمرض) فأتاه فقال: إن رسول الله يقرئك السلام ويقول أعطني الذي تجهزت به، قال: يا فلانة، أعطيه الذي تجهزتُ به ولا تحبسي عنه شيئاً، فو الله لا تحبسي منه شيئاً فيُبَارك لك فيه)  (مسلم)

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع